تحتفل بعض المدارس في منطقة مورسيا الإسبانيا، حيث يتم تدريس برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM)، بالمسيرة الخضراء، الغزو غير الشرعي للصحراء الغربية من قبل المغرب في عام 1975، باعتبارها “مهرجانًا”. لكن وزارة التعليم الإسبانية، برئاسة الاشتراكية بيلار أليغريا، التي تشرف على المبادرة التي تعمل حالياً في اثنتي عشرة منطقة تتمتع بالحكم الذاتي، تتجاهل الجدل. ولم تجب حتى على كل الأسئلة التي وجهتها لها صحيفة “الإندبندينتي”، وهو ما يتماشى مع الممارسة المتبعة الآن بين الوزارات الحكومية الأخرى عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع المغرب.
احتفلت الصحافة المغربية الموالية للحكومة خلال الأسبوع الماضي بأن طلاب مدرسة نويسترا سينيورا ديل كارمن في لو باجان، وهي قرية صغيرة في بلدية سان بيدرو ديل بيناتار في مورسيا، يدرسون تاريخ “المسيرة الخضراء” في المقاطعة الثالثة والخمسين لإسبانيا، كما رواها المحتلون المغاربة. إن “المسيرة الخضراء” هي في الواقع غزو واحتلال أراضي الصحراء الغربية في أواخر عام 1975، وهي الحركة التي أطلقها ملك المغرب آنذاك الحسن الثاني، مستغلاً معاناة وموت الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في إسبانيا. إن الاحتلال في إطار التوسع المغربي الكبير غير شرعي بموجب القانون الدولي، حيث يصادف هذا العام مرور خمسين عامًا بالضبط على اندلاع أحد أطول الصراعات على كوكب الأرض، دون أي مؤشرات على التوصل إلى حل.
تمت الموافقة عليه من قبل حكومة راخوي
وتزعم مصادر من مكتب الاتصال بوزارة التربية الإسبانية، برئاسة مانويل غراسيا، والتي استشارتها هذه الصحيفة، أن “برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM) تم توقيعه في عام 2012، وتم تمريره من خلال مجلس الوزراء في عام 2013، وتم نشره أخيرًا في الجريدة الرسمية (BOE) في يناير 2018، وكل ذلك تحت رئاسة ماريانو راخوي”. وتوضح الوزارة أن “هذه الاتفاقية تعكس الأهداف العامة للبرنامج، وهي نشر اللغة والثقافة المغربية بين الطلبة المغاربة المسجلين في إسبانيا والعكس”، مبررة بذلك عدم تورطها في الفضيحة.
وأكّدت ذات المصادر أن تطبيقه “يعتمد على المجتمعات المستقلة، في حين تنشر وزارة التعليم والتدريب المهني والرياضة دليلاً تشغيلياً سنوياً”. وثيقة طلبتها هذه الصحيفة الإسبانية مراراً وتكراراً هذا الأسبوع، ورفضت الوزارة تقديمها. وتؤكد الإدارة أيضًا أن “العديد من المجتمعات تنشر تعليمات التشغيل الخاصة بها بناءً على هذه الوثيقة”.
في برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM)، تفوض إسبانيا برمجتها وتدريسها إلى المغرب. ويأتي ذلك في إطار التعاون الثنائي بين حكومتي إسبانيا والمغرب. وهو برنامج لغوي وثقافي من المفترض أن يتم تنسيقه من قبل موظفين من السفارة المغربية في إسبانيا ووزارة التعليم والتكوين المهني والرياضة، وتديره المجتمعات المستقلة، حيث يتم تدريس هذا البرنامج من قبل مدرسين حكوميين مغاربة.
الأساتذة معينون من قبل المغرب
وتوضح وزارة أليغريا أنه “يتعين على المعلمين الذين يقومون بتدريس هذا البرنامج، الذي يخضع لسلطة المغرب، تقديم البرنامج إلى كل مركز حتى يمكن دمجه في البرنامج العام السنوي (AGP)”. وتنص التعليمات التي نشرتها منطقة مورسيا على أنه “يجب على المعلمين المغاربة تقديم برنامج دروس PLACM السنوي باللغة الإسبانية إلى إدارة المدارس المضيفة، في المواعيد التي حددتها المدارس، حتى يمكن دمجها في البرنامج العام السنوي”.
ولم تُجب وزارة بيلار أليغريا، إحدى الوزيرات اللواتي رافقن بيدرو سانشيز في رحلته إلى الرباط عام 2023 وتم استقبالها من طرف الملك محمد السادس، على الأسئلة التالية من صحيفة الإنديبنديينتي : “هل سيُراجع البرنامج ليبقى بيد المسؤول المغربي دون رقابة إسبانية؟ هل ستُراجع المواضيع المُدرجة والمبرمجة؟ كيف تُقيّم الوزارة حقيقة أن احتلالًا غير قانوني للإقليم، في انتهاك للقانون الدولي، يُصوَّر على أنه مهرجان؟”
لقد أصبح غياب الشفافية ممارسة شائعة بين وزارات الحكومة الائتلافية في إسبانيا فيما يتعلق بالعلاقات مع المغرب منذ التحول التاريخي في الموقف بشأن نزاع الصحراء الغربية وتوقيع خارطة طريق جديدة تعالج هذا الشاغل صراحة لتجنب التصريحات التي قد تزعج النظام العلوي.
ويتجلى ذلك في “المرحلة الجديدة للشراكة بين إسبانيا والمغرب”، التي تم توقيعها في 7 أبريل 2022، خلال زيارة سانشيز إلى الرباط. “وسيتم التعامل مع القضايا ذات الاهتمام المشترك بروح الثقة، من خلال التشاور، دون اللجوء إلى أعمال أحادية الجانب أو فرض الأمر الواقع”، هذا ما جاء في إحدى النقاط، بعد التأكيد على الالتزام المتبادل بإقامة علاقة “تقوم على مبادئ الشفافية والحوار المستمر والاحترام المتبادل…”