حوار: حنان مهدي
بداية، سيد مراد ملاح.. كيف تقدم نفسك لقراء دزاير توب؟
مراد ملاح، أبلغ من العمر 38 سنة، أصيل مدينة الشلف حيث ولدت وترعرعت ودرست بجامعتها الشهيدة حسيبة بن بوعلي سنة 2009، وعملت فيها أستاذا لفترة وجيزة قبل أن أؤسس شركة خاصة في توزيع المستلزمات الطبية والمواد شبه الصيدلانية، ثم توسعت في العمل ليشمل العتاد الطبي ومعدات مختبرات التحاليل الطبية، لأغادر بعدها إلى الخليج نهاية سنة 2012، حيث عملت بقطر.
ومن خلال الشركات التي عملت في فروعها بسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهي تجربة جميلة سمحت لي بالسفر والتنقل عبر عديد دول العالم، ومكنتني من حضور مؤتمرات ومعارض وندوات عالمية مهمة، خاصة في صناعة الأدوية وصناعة المستلزمات الطبية، بألمانيا جامعة لايبزيج مؤتمر صناعة الأدوية البيطرية، وبالصين “مقاطعة شاندونج” حول صناعة المستلزمات الطبية، وبفرنسا حول تصنيع الأدوية، ثم عدت بعدها للجزائر نهاية سنة 2022.
شغفي بالمختبر دفعني للتخصص في البيوتكنولجيا حيث تخرجت كمهندس دولة ثم واصلت بعض الدراسات العليا والتكوينات المتخصصة حضوريا وعن بعد في قطر والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا وفرنسا والصين والهند وتركيا، وذلك في مجالات إدارة الأعمال، تصنيع الأدوية وتصنيع المستلزمات الطبية صيانة وتشغيل معدات المختبرات وغيرها.
ما زلت أطمح لأتعلم وأتطور يوما بعد يوم، كوني أتبع قاعدة بسيطة مفادها: “كل يوم أحاول أن أكون أحسن من أمس، عملا وعبادة ومطالعة ونشاطا وتفاؤلا وإيجابية وإنجازا”.
تأسس مجمع بلاط سنة 1970.. حدثنا قليلا عن أهم القفزات النوعية للمجمع عبر التاريخ والتي لعبت دورا جوهريا في تطوره؟
مجمع بلاط قصة ملهمة تحتاج التأمل طويلا، هو شركة عائلية بدأت بأساليب تقليدية ثم تطورت تطورا مذهلا حولها إلى عملاق صناعة اللحوم المطهية وطنيا وإقليميا.
حقق المجمع قفزات مهمة من خلال تحوله نحو تربية الدواجن مما أعطى المجمع قوة وتحكما في المادة الأولية، فنحن نمتلك أقوى السلالات من دجاج الأمهات، كما لدينا وحدة تحويل وتحضير لأغذية الأنعام، وننتج أحسن اللحوم لتعطينا أجود المنتجات.
قفزات كبيرة حققها المجمع بالتواجد عبر السوق الوطنية والدولية من خلال تطوير شبكة النقل ومرافق التبريد والتخزين ودعم الموزعين عبر التراب الوطني، ومرافقتهم ماليا لاقتناء شاحنات مبردة.
وقد عمل المجمع على تطوير الفريق التجاري من خلال استقطاب عديد الكفاءات وتعيين مراقبي مبيعات في أكثر من 20 ولاية مما سمح لنا بتطوير المبيعات أيضا، كما تم استحداث إدارة الإمداد والتوريد، وكذا إدارة تسيير الجودة في شكلها الجديد، هذا الذي أعطى إضافة نوعية لمستوى التسيير بالشركة، خاصة وأننا أسندنا إدارتها إلى كفاءات المجمع المشهود لهم بالمهنية والتخصص والحرص والانضباط.
وتبقى الرؤية الاستشرافية لملاك المجمع وشجاعتهم في توسيع الاستثمار ومواجهة كل العقبات الإدارية وتحديات التسيير هو ما لعب دورا هاما ومفصليا في وصول مجمع بلاط إلى ما هو عليه اليوم.
إن تحدثنا عن أبرز منتجات بلاط المتوفرة في الأسواق.. هل يمكن أن تذكرها لنا مع توضيح بعض من الآليات أو المراحل في تصنيعها؟
طبعا، منتجاتنا تنقسم إلى ثلاثة عوائل رئيسية: هي المنتجات الكلاسكية ومنتجات النخبة والمنتجات المعلبة. وكلها تتقاطع في كونها لحوم مطهية مضاف إليها توابل وعديد المكونات الغذائية الطبيعية الصحية، كالشمندر السكري الذي يكسب الكاشير حمرته، والثوم أيضا في عديد المنتجات لما له من ذوق جيد وفائدة صحية جليلة، إذ نقوم بطهي اللحوم في أفران عصرية تحت درجة حرارة تفوق 110 درجة مئوية لمدة ثلاثة أرباع الساعة.
ماهي أكثر المنتجات طلبا ونجاحا في السوق المحلية؟ وفي رأيك ماهو سر تميزها والاقبال عليها؟
تقريبا كل منتجاتنا تلقى رواجا ويتمايز الطلب عليها وفق المواسم، ويبقى دجاج الروتي المدخن المنتج الأكثر طلبا، حيث نجد صعوبات في تلبية الطلب الوطني لكن بالمقابل سننتهي في غضون أيام بحول الله من توسعة تاريخية لوحدة إنتاج الروتي، لنتمكن من تلبية الطلب الوطني بجدارة ونلبي عديد الطلبيات بتصديره كذلك، باعتباره منتجا مهما ويتسيد طاولات ومطاعم كثيرة، وهو حاضر بقوة في محلات بيع البيتزا، وحاضر بتميز في فطور الصباح بعديد الفنادق الوطنية، وقريبا في خارجه بحول الله.
نحن نعتقد وعلى والرغم من محاولات النيل من سمعة منتجاتنا في بعض الأحيان أننا أثبتنا مكانتنا عبر التحكم في الجودة ومأمونية المنتج من خلال التعاقد مع معهد باستور، وتكوين مختلف إطاراتنا وهو ما سمح لنا بالتحكم الكامل في جودة المنتج، كما أظن أن استثمارنا في التطوير من خلال ورش تعاون وبحث مع عديد الهيئات الأوروبية بالنمسا وألمانيا وفرنسا، سمح لنا برفع الجودة، ناهيك عن استثمارنا المستمر في مواردنا البشرية التي تعتبر سر تميز منتجات بلاط.
ومنتجات نقانق الدجاج المعروفة باسم “الهوت دوغ” تعرف رواجا وطلبا متزايدا هي الأخرى، ما اضطرنا إلى تطوير واستحداث منتجات جديدة بأذواق مميزة.. إذ نجحنا في تقديمه بنكهة جزائرية وهو المنتج القادم من بلاد العم سام.
اخترتم شعار “المحبة في كل وجبة” رمزا لمجمعكم.. ماهي الرسالة التي تريدون ايصالها للجمهور من خلاله؟
بالنسبة لنا، وقت تناول الوجبات هو فاصل زمني يجب أن تسوده المشاعر الطيبة المملوءة بالمحبة، لمة العائلة، وجلسة الأصدقاء يتسامرون في الشاطىء والغابة والحديقة، كلها لحظات تحمل معاني المحبة، فللمحبة بعد آخر في شعارنا ألا وهو حبنا لمجتمعنا الذي يولد فينا حرصا متناميا لتقديم الأفضل له، وكذلك فإننا نقوم بما نقوم به بمحبة.. ببساطة لأننا نحن نحمل المحبة لهذا البلد ولمجتمعنا ولعملنا ولمجمعنا بلاط في كل وجبة تكون فيها منتجاتنا حاضرة.
ما هي أبرز التحديات التي تواجهونها في صناعة تحويل المنتجات الغذائية، وكيف تتعامل الشركة معها؟
طبعا التحديات كثيرة، أبرزها اليقظة القانونية والتجارية والصناعية، إذ تملي علينا وضعيتنا الانتباه على مدار 24 ساعة إلى أبسط التفاصيل، نحن نتعامل بصرامة شديدة فيما يتعلق باحترام قواعد وشروط التصنيع الحسن؛ فصناعتنا حساسة ودقيقة لحساسية المنتجات الداخلة فيها، لذلك نعتبر اليقظة تحديا حقيقيا.
ثمة تحد آخر مؤرق جدا ألا وهو توفر المواد الأولية وأقصد بها اللحوم البيضاء، حيث أننا نعاني الأمرين في توفيرها فعلى الرغم من امتلاكنا لمزارع متطورة تمدنا بالمواد الأولية، إلا نبذل جهودا مضنية من أجل توفير الكميات الكافية، فالأسعار الملتهبة للحوم البيضاء تؤرقنا وتؤثر جدا على ربحيتنا؛ لكننا رغم ذلك نحاول التكيف والصمود تجاه هذه التفاصيل.
كيف ترون المنافسة في سوق تحويل اللحوم والمنتجات الغذائية؟ وما الذي يميز شركتكم عن المنافسين؟
يوجد 47 مصنع لتحويل اللحوم بالجزائر، تميزنا الشفافية فمصانعنا ومخازننا مفتوحة وكانت محور روبورتاجات ووثائقيات عديدة من وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، تميزنا بشراكاتنا الوطنية والدولية مع الهيئات الحكومية والخاصة، فنحن نتفاعل إيجابا مع المكونات المجتمعية.
كما نتميز بجودة وطرق إنتاج عصرية وحديثة إذ نستخدم ملونات طبيعية ومكونات غذائية صحية، ونتميز بموارد بشرية وكفاءات قدمت ولا تزال تقدم الكثير لمجمع بلاط، وبالحوكمة والإدارة بالأهداف التي تمر عبر قياس مؤشرات الآداء، إذ لدينا برامج طموحة وغزيرة في التكوين.
ومن حيث بيئة العمل في بيئة صحية يسودها الشغف والإحترام والروح العائلية والأخوية الصادقة، نحن في بلاط عائلة كبيرة لا فرق بين مدير ومسؤول وفوج وعامل مهني متعدد المهام.. إذ تسود روح الفريق بيننا ونتناغم ونتفاعل إيجابا، لأننا نحب التتويجات ونطمح لأن نكون كل يوم في الصدارة وطنيا وإقليميا.
_كيف تتعامل الشركة مع تقلبات الأسعار في المواد الأولية، مثل اللحوم والذرة، وكيف يؤثر ذلك على هيكل التكلفة وأسعار المنتجات النهائية؟
نحن نمتص هذه التقلبات من خلال كفاءة التخزين لدينا، قوة فريق المشتريات في التفاوض، قوة إدارة الإمداد والتوريد في التوصيل والاقتناء، وقوة الأطباء البياطرة لدينا وهم عماد إدارة مراقبة الجودة والنوعية، ففي فترات إرتفاع الأسعار الأولية نبقى أوفياء للمستهلك النهائي، ويا ما تحملنا خسائر في المبيعات فقط من أجل الاستمرار والبقاء لأننا شركة مواطنة بامتياز.
_ التصدير نحو الخارج خطوة مهمة أقبلتم عليها.. هل من تفاصيل أكثر؟ وما هي أبرز أسواقكم دوليا!
نعم؛ التصدير اليوم أضحى رافدا مهما ضمن ديناميكية كبيرة تشهدها البلاد في هذا المجال، سوق غرب إفريقيا هي الأهم بالنسبة إلينا حاليا، وتوجد أسواق أخرى هي محل اهتمامنا، لكن تواجدنا فيها لا يمكن أن يحصل إلا من خلال إبرام الوزارات ذات العلاقة لاتفاقيات صحية مع تلك البلدان، وهي ورشة نأمل أن تنال حظها من الإهتمام والعناية، لأننا في الأخير نظل شركة خاصة لا تمتلك الأهلية القانونية كي تصدر لأسواق خارجية دون مرافقة وزارة التجارة، وزارة الصحة، ووزارة الفلاحة من خلال اتفاقيات تجمع الجزائر بالبلدان التي تتواجد بها الأسواق المستهدفة.
_ ما هي استراتيجيات التسعير التي تتبعها الشركة للحفاظ على القدرة التنافسية في الخارج؟
نحن نعتمد نفس الأسعار تقريبا، وأسعارنا جيدة ومقبولة وتنافسية لأن انتاجنا وفير، وبلا شك فقد درسنا الأسواق التي نتواجد فيها اليوم، فقط نجد صعوبات في جانب السعر فيما يتعلق بالمنتجات التي ترتكز على اللحوم الحمراء.
_ فيما يخص رؤية الشركة الاستراتيجية على المدى البعيد هل يمكن أن تضعنا في الصورة؟ وكيف تخططون لتحقيق النمو؟
نحن نضمن نمو الشركة من خلال تجديد خطوط إنتاجنا وتوسعتها، وتكوين موظفينا، وكذلك تحسين تمركز منتجاتنا في نقاط البيع النهائية.. وأيضا بتحويل منتجاتنا إلى حلول وليس فقط وجبات، حلول للموظف الذي لا يملك وقتا ويبحث عن وجبة صحية وحلول للمجة الطلبة والتلاميذ، وحلول لسيدة البيت كي تسعد أبناءها وأسرتها.. إننا نمضي بثقة وهدوء، واستراتيجيتنا دوما تمر عبر الإستثمار والتركيز على العنصر البشري الذي هو عماد التنمية والنجاح.
_هل يمكن أن تخبرنا عن السياسات التي تتبعونها في تدريب وتطوير الموظفين لضمان مواكبة الإبتكارات في صناعة تحويل المنتجات الغذائية؟
نحن نرسل موظفينا إلى الخارج لتلقي التكوينات المناسبة في تطوير المنتجات، كما نرتبط بعقود مع موردي خطوط الإنتاج ومختلف المعدات ببرنامج تكوين وتأهيل على مدار السنة، ونفس الأمر بالنسبة للفرق الإدارية الذين يتكونون مع مدارس تكوين متميزة.
_ كيف تتعامل الشركة مع دورها الاجتماعي في دعم المجتمع المحلي وفي دعم الشباب ومختلف البرامج الفعالة؟ وما هي آخر مشاريعكم في هذا الجانب!
نحن نهتم بكل قضايا المجتمع، فنرافق الأطفال في المدارس، والطلبة في الجامعات والنوادي العلمية خاصة، إذ نستقبلهم ونقيم معهم ورشات عمل؛ كما أننا ندعم عديد المؤتمرات والملتقيات العلمية في أكثر من جامعة، ونحاول أن نقدم ما تيسر للمشاريع ذات الأثر الإجتماعي. لأن دعم مجتمعنا من صميم ثقافتنا كشركة.
_ بالحديث عن أجواء العمل، حضورك الإعلامي عزز في نقل صورة إيجابية ومشرقة عن بلاط ومنتجاتها.. هل تلمسون هذا الأثر حقا؟
في الحقيقة لا يمكنني أن أعتبر نفسي إضافة لمجمع عريق مثل بلاط، ربما العكس هو الصحيح، إن تواجدي بمجمع بلاط إضافة مميزة لمساري المهني، ربما حاولت وفريق العمل تعزيز تواجدنا والتواصل بشكل أفضل والحرص على أن نكون حاضرين ببصمة وليس الحضور من أجل الحضور.
وطبعا، سأكون سعيدا جدا إذا تيقنت أنني ساهمت في زيادة وهج المجمع، لكنني مؤمن كل الإيمان أنني جزء بسيط من كل كبير جميل ومتنوع وكفء، والقوة في روح الفريق.
يمكن أن نحدث فروقا من خلال استنساخ تجارب دولية عايشناها ونقلها إلى فريق العمل الحالي، وأعتقد أنني مدين بالفضل لمجمع بلاط الذي منحني شرف التسيير والإشراف، ومن أطرف ما يحصل معي أن العديد في قوائم اتصالاتهم يكتبون مراد بلاط بدل مراد ملاح، وهذا تشريف أفتخر به على مستويين: على مستوى أن أرتبط بمجمع وصرح صناعي محترم، وأن يقترن إسمي بإسم عائلة بلاط، باعتبارها عائلة كبيرة عريقة لها وجاهتها الاجتماعية وحضورها المتميز في مختلف دروب الحياة إسهاما وإحسانا وتنمية وتطويرا.
_ بكل صراحة.. ما الذي تحقق خلال فترة إداراتك للمجمع عموما؟.. وما الذي يسعى السيد ملاح لإحداثه في سبيل نقله إلى مرحلة نجاح مختلفة؟
الذي تحقق أنني ربما استطعت نقل تصورات ومرئيات مجلس الإدارة؛ وروحهم القوية ورغبتهم الكبيرة في التطوير إلى باقي فريق العمل، وربما نجحت في استقطاب بعض الكفاءات المهمة التي طعمت الفريق الحالي، وبتواضع شديد ربما تمكنت من تجلية وإبراز عديد الكفاءات في مجمع بلاط من خلال تشجيعها على الطرح والنقاش والعمل الجماعي، واقتربت رأسا من كل الموزعين الذين نعتبرهم سفراء؛ لأنني أحاول أن أعطي صورة طيبة وحقيقية على مستوى مجمع بلاط في كل تعاملاتي سواء داخليا أو خارجيا..
أحاول أن كون قريبا لكل مكونات المجمع والتواجد مع الموظفين في المطعم لأتقاسم معهم الوجبات، وأحرص على أن ينالوا القسط الوافر من الراحة والأكل الجيد، وأن تصلهم حافلاتنا العصرية نظيفة بل تلمع من التنظيف، نحن حريصون جميعا بتوجيهات مجلس إدارتنا ألا يفوت موظفونا مواعيدهم الطبية بعيادة الشركة، وأجدني حريصا أيضا على مشاركتهم أفراحهم وأقراحهم وكذلك الإستماع إليهم وإلى مقترحاتهم لأنقل لهم كل يوم رسالة مفادها أن كلكم مهموم، وأن شركتنا بكم ولكم وإليكم، وأنكم مفخرة لنا في انضباطكم وحرصكم وتحليكم بقواعد السلامة المهنية.
إنني أطمح أن أقود شركتنا إلى استحداث منتجات جديدة، وإلى شراكات علمية في البحث والتطوير وإلى الريادة في أسواق دولية وإلى تنويع استثماراتنا أيضا.
_ وصفك أحدهم قائلا: “لم أر مسؤولا في مؤسسة اقتصادية جزائرية بثقافة السيد ملاح ولباقته وقدرته الفائقة على التواصل، بلاط صارت أفضل بمجيئه”.. ما هو سر تأثيرك الإيجابي في المتابعين؟
هذه شهادة أعتز بها وتزيدني تواضعا وإحساسا بالمسؤولية، ربما أؤثر إيجابا لأنني أحب الخير للناس جميعا، ولأنني شفاف في التعامل وبسيط أيضا، ولأني أحمل هم تشريف أسرتي التي ربتني على مكارم الأخلاق، لأكون مثالا للشباب الجزائري الوافد من الجزائر العميقة البسيطة الهادئة، حيث الطبيعة ومدارس القرآن وشواطىء البحر الجميلة والطيبة والعفوية والصدق.
ربما أؤثر إيجابا لأنني أحب ما أقوم به؛ وأقدر المسؤولية التي منحت لي وأعتبرها تكليفا لا تشريفا؛ ولأنني ربما أستحضر في تعاملاتي أن أكون في مستوى وعند حسن ظن من وضعوا ثقتهم بي، وأخص بالذكر عائلة بلاط مالكة المجمع، وبخاصة أخي وصديقي ورئيسي في العمل الرئيس المدير العام لخضر بلاط، والكثير من مواقفي وتصرفاتي هي إنعكاس لأخلاق وثقافة عائلة بلاط وتقاليد العمل التي وجدتها.
_ تبدو مهووسا بالقراءة والكتابة وهذا ما نلمسه في كتاباتك ومقالاتك عبر مواقع التواصل الإجتماعي.. ما الذي يقرأه السيد ملاح؟ ولمن يكتب عموما!
في الحقيقة أنا عاشق لعلم الاجتماع السياسي، الأدب الساخر، وكتب الفكر المرتبطة بالدراسات الحضارية وتاريخ الشعوب،
فقد نشأت لأب أستاذ في التاريخ عليه رحمة الله؛ فعشقت تاريخ بلدي، ولا زال إلى اليوم ماثلا في ذهني كتاب شهداء الجزائر، وهو رصد رائع لسير شهداء الثورة التحريرية المظفرة، وكتاب آخر للعميد طلاس وزير الدفاع السوري السابق عن الثورة الجزائرية، ووالدتي أستاذة الأدب العربي التي أقحمتني في روايات نجيب محفوظ ومؤلفات طه حسين.. لأجد نفسي لاحقا مهووسا بالعلوم التجريبية والمختبر ثم عالم الاقتصاد، كما أنها دفعتني تجاه التعلق بعيون البصائر للشيخ محمد البشير الإبراهيمي عليه رحمة الله، ومن هنا بدأ هوسي وتعلقي بمرجعيات الجزائر، وأعلامها من مفكرين كأمثال مالك بن نبي وحمودة بن ساعي والشيوخ شيبان عليهم رحمة الله جميعا.
ومع تطور مساري المهني تحولت اهتماماتي إلى كتب علم الإدارة والمال والأعمال، وأنا حاليا طالب ماستر في تخصص تسيير المنظمات.
وبخصوص ما أكتبه أستطيع القول أنني أكتب لنفسي لأنني اتنفس عبر خربشاتي.. أكتب لأصدقائي وأسرتي ولبعض طلبتي بالجامعة الذين لا زلت على تواصل معهم. وقد كتبت في الاقتصاد، والظواهر المجتمعية المرتبطة بالاقتصاد في جرائد وطنية وخارج الجزائر.
_ في سن الثلاثينات.. كنموذج شبابي ناجح وأب لأربعة أطفال.. رسالتك لشباب الوطن وأنت الذي عاش الغربة وعاد إلى الوطن أخيرا لخوض تجربة جديدة؟
الوطن لا بديل عنه، والبلد فيه فرص حقا، وواقع بعض جوانب الحياة في بلدنا ليس قضاءً وقدرا، لذلك وجب تقديم ثقافة الواجب على ثقافة الحق لنتقدم في مجالات عديدة ولنستمتع بدروب الحياة.
بلدنا يحتاج إلى سواعد أبنائه جميعا، فما أجمل أن نضع ايديولوجياتنا ومشاربنا السياسية جانبا، ولو لفترة لأن الوطن للجميع، والحياة تحلو والمجتمعات تتطور بالتنوع والتناغم والتركيز على دوائر التقاطع وما أكثرها من مقومات تجمعنا تاريخا ودينا ولغة وهوية.
_ كلمة أخيرة لقراء دزاير توب؟
شكرا لدزاير توب على هذه الالتفاتة الطيبة؛ وكل المحبة والتقدير للقراء الأعزاء.