أشرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، على اللقاء السنوي مع المتعاملين الاقتصاديين، أكد خلاله أن هناك بعض الدول التي تنتقد الجزائر، ولكن لا تملك أرقامها الاقتصادية المحققة في منطقة حوض المتوسط.
وقال الرئيس تبون، في خطابه خلال اللقاء السنوي مع المتعاملين الاقتصاديين بالمركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة الجزائر، إن “هناك من ينتقدنا من بعض الدول، لكن لا يملك أرقامنا الاقتصادية المحققة في منطقة حوض المتوسط”، وأضاف: “هناك أناس لا يسعهم إلا أن يروا الجزائر بالسواد.. هؤلاء لا نملك لهم دواء يرفع عنهم الغشاء”. وأكد أن “المؤسسات المالية الدولية والقارية لو وجدت ثغرة في أرقامنا لن يسبقها أحد في انتقادنا”.
الرئيس عبد المجيد تبون قدّم بعضا من الأرقام والإحصائيات المتعلقة بتطور الاقتصاد الجزائري، وقال: “اقتصدنا هذه السنة مليارا و200 مليون دولار وحققنا اكتفاء من القمح الصلب بنسبة 81%”، وأضاف أن الجزائر كانت تستورد 60 مليار دولار قبل الحراك المبارك، و”اليوم قلصنا فاتورة الاستيراد بصفة هيكلية ونهائية إلى 40 مليار دولار، ونعمل على تقليصها أكثر”.
وقال الرئيس عبد المجيد تبون إن “هذا اللقاء محوري سيكون سنويا إن شاء الله، وقد طوينا العهدة الأولى بكل آمالها وآلامها بسبب كورونا، ننطلق في العهدة الثانية على أمل أن نحقق معا الوصول إلى مصفّ الدول الناشئة”. ودعا إلى تجنّد الجميع، سواء الحاضرين أو أولئك الموجودين بالخارج، لتحقيق ناتج داخلي خام بقيمة 400 مليار دولار في آجال أقصاها نهاية 2027.
وتحدث الرئيس عن إطلاق 13700 مشروع استثماري بقيمة 6 مليار دينار في المجال الاقتصادي، وطالب بهبة قوية، وقال: “التطور يتأتى برفع نسبة الصناعة ضمن الناتج الداخلي الخام إلى ما بين 13 و 14 بالمائة”.
المال المنهوب من الجزائر أصبح اليوم عامل حماية للذين أفسدوا في البلاد ثمّ فرّوا إلى الخارج”
وطمأن الرئيس عبد المجيد تبون المتعاملين الاقتصاديين بعدم تعرضهم للعرقلة، وقال: “أمر ALGEX انتهى.. ولن تجدوها مستقبلا في طريقكم.. علينا خلق مناخ آخر للصناعة وجيل جديد لرجال الأعمال، ليُنسينا الماضي الأليم من اختلاسات وفساد”، مضيفا أن “في وجود ALGEX وديناصوراتها حققت الجزائر معجزة تصدير 7 ملايير دولار خارج المحروقات، لكننا سجلنا بعض التراجع لظروف موضوعية”.
كما أكد الرئيس عبد المجيد تبون على “ضرورة الاعتماد على الشباب الجزائري ومؤسساته الناشئة، لأن أيديهم نظيفة من الفساد، وهم بصدد تحقيق إنجازات تبعث على الفخر”، وأضاف أن “من يدّعي الخوف من السجن ويتماطل في مهامه، فهو في تفكير المرتشين والمخربين”، وتابع بالقول: “المال المنهوب من الجزائر أصبح اليوم عامل حماية للذين أفسدوا في البلاد ثمّ فرّوا إلى الخارج”، مضيفا أن هناك حركة اقتصادية نبيلة نقلت الجزائر من تضخيم الفواتير إلى تقليص الفواتير.
الرئيس دعا المُصدِّرين إلى إنشاء هيئة تصدير تنظم معاملاتهم من جهة ولإرساء الشفافية في عمليات التصدير فيما بينهم من جهة أخرى، وأشار إلى أن “هناك بعض المتعاملين الاقتصاديين اختصاصهم إيجاد الثغرات للتحايل في السوق وعمليات الاستيراد”. ووصف تصدير التمر الجزائري بـ 40 دينار إلى الخارج بـ”إجرام في حق الجزائر”، وقال إن “ما يُعطل البلاد هي المضاربة والتحايل على القانون”. وفي السياق، قال الرئيس: “من العيب أن يتحدث رئيس الجمهورية عن منتوج البطاطا وسعرها، ولن يضطرني أحد لاستيرادها، وعلينا ضبط أسعارها”.
وعن ملف العقار، أوضح الرئيس عبد المجيد تبون أن “الدولة لا تضارب في عمليات بيع أراضي الاستثمار، بل تساهم في تسهيل الوصول للعقار للدفع بالمشاريع إلى التجسيد”، وأكد على ضرورة تحرير مبادرة الاستثمار وفهم واستيعاب فكرة الشباك الوحيد وصلاحيات وكالة ترقية الاستثمار API. وقال: “علينا إخراج وكالة ترقية الاستثمار من تناقض رهيب، فهي تسجل مشاريع بعشرات الآلاف، بينما لا يقابل ذلك توفر العقار اللازم لإنجازها”. وأكد أن “الشباك الوحيد هو الحل الجذري لمشكل العقار الموجّه للاستثمار وليس على عاتق وكالة ترقية الاستثمار حلُّه” .
لدينا شباب نوابغ يتم استقطابهم أو بالأحرى سرقتهم كي لا تستفيد منهم الجزائر
الرئيس عبد المجيد تبون أشار إلى شباب نوابغ يتم استقطابهم، أو بالأحرى سرقتهم، كي لا تستفيد منهم الجزائر. وقال إن الحكومة مطالبة بإنشاء هيئتين قبل نهاية ماي، واحدة تختص بتنظيم الاستيراد والأخرى بالتصدير. وألحّ الرئيس على المتعاملين الاقتصاديين لخلق بنوكهم الخاصة وتسجيل حضورهم أكثر في الإدارة، وقال: “هناك أموال طائلة مخزنة في الأقبية.. استثمروها في إنشاء بنوك خاصة”. كما دعا الراغبين في إنشاء شركات في مجال النقل البحري إلى الاستثمار. كما أكد أن الاستثمار في السياحة حر لمن أراد، مؤكدا أن “التسهيلات في الحصول على التأشيرات للأجانب وصلت حدّ منحها لطالبيها بالمطارات.. ماذا يُراد مناّ أكثر من ذلك!”.
وتحدث الرئيس عن بعض الإنجازات، على غرار السكة الحديدية التي ستصل نهاية السنة الجارية إلى ولاية بشار لنقل خام الحديد والصلب، فيما وصلت الجزائر إلى إنتاج 41 مليون طن من الإسمنت سنويا.
وأكد الرئيس عبد المجيد تبون على وجوب إعادة تنظيم التصدير، وقال في خطابه أمام المتعاملين الاقتصاديين: “الدولة بصدد تصليح أوضاعها وأنتم كذلك عليكم إصلاح أوضاعكم”. مشيرا إلى أن “الدول الأوروبية شركاء للجزائر، وقد قبلوا فكرة مراجعة اتفاق الشراكة.. لن نطلب منهم المستحيل وأنتم جزء لا يتجزأ من هذه المراجعة”، وقال: “أطلب منكم رفع الروح الوطنية للدفع باقتصادنا نحو الأمام”.
وتوعد الرئيس بمحاسبة كل من يستورد سلعا من الخارج بينما مثيلتها منتجة في الجزائر ومكدّسة في المخازن.