تفاعل متناقض للمخزن مع زيارة دي ميستورا للبلدين.. المغرب أسد على جنوب إفريقيا ونعامة أمام روسيا  

أحمد عاشور

آثر المغرب أن يغلق بصره ويصمّ آذانه عن استقبال موسكو للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، لتمر هذه الزيارة دون تترك أي صخب داخل أروقة المخزن، على خلاف ما حدث مع زيارة المبعوث ذاته إلى جنوب إفريقيا.

وقد تسببت زيارة دي ميستورا إلى جنوب إفريقيا، واستقباله في بريتوريا من قبل كبار مسؤولي هذا البلد، في 31 يناير الفارط ، في أزمة دبلوماسية بين البلدين تضاف إلى رصيد لا ينتهي من الأزمات التي تفتعلها الرباط، بدت من خلال تصريحات مسؤولين في الخارجية المغربية يعكس عدم استساغتهم لزيارة دي ميستورا.

بل قبل موعدها حتّى، فلقد حاول المخزن بشتى الوسائل الممكنة عرقلة زيارة المبعوث الأممي، حيث أجرى عمر هلال المبعوث الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، حوارا مع وكالة أنبائه الرسمية ليعرب عن امتعاض بلاده منها، دون أن تخرج خرجته هذه بأي نتيجة تذكر.

وبعدما فشل حوار عمر هلال لوكالة الأنباء في تحقيق هدفه، صعّد النظام المغربي من

عند ذلك لجأت دبلوماسية المخزن إلى تصعيد موقفها، فرأى القصر العلوي أنه من الضروري إقحام وزير الخارجية، ناصر بوريطة شخصيا ووضعه في واجهة المشهد المتشنج مع بريتوريا، التي هاجمها بقوله: “إن جنوب إفريقيا، التي أخذت موقفا سلبيا من قضية الصحراء منذ 20 سنة، لا تملك الأهلية ولا القدرة للتأثير في مسار هذا الملف”، إلا أنه الهدف لم يتحقق أيضا.

في مقابل هذا الموقف الصارم، ظهر المغرب لينا ومتسامحا أمام روسيا، حيث وفي نهاية الأسبوع المنصرم، قام المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، بزيارة إلى موسكو بدعوة من السلطات الروسية التقى خلالها مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين.

وكان محور زيارة المسؤول الأممي إلى موسكو، هو مباشرة مباحثات مع المسؤولين الروس بشأن قضية الصحراء الغربية، وسبل تسوية هذه الأزمة التي عمّرت لأكثر من ستة عقود، بما يجعل هذه الزيارة بذات الهدف الذي قاد المبعوث الأممي إلى دولة جنوب إفريقيا، التي هزت العرش العلوي.

ولحد الساعة لم يصدر أي موقف من المخزن عن الاستقبال الذي حظي به المسؤول الأممي في موسكو من قبل المسؤولين الروس، وذلك بالرغم من مرور ثلاثة أيام كاملة، فيما كانت الرباط قد استبقت زيارة المسؤول ذاته إلى جنوب إفريقيا بحوارات وتصريحات تحذيرية قبل الزيارة، وبضجيج عارم ولغط كبير بعدها، محذرا من انهيار مهمة دي ميستورا في الصحراء الغربية.

فلماذا أقامت المغرب الدنيا ولم تقعدها مع دولة جنوب إفريقيا، ولماذا مر الأمر وكأنه لم يكن مع روسيا؟ سؤال طرحه ولا يزال يطرحه الكثير من المراقبين، ولاسيما الناشطين المغربيين والصحراويين على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو سؤال يبدو وجيها لأن القضية تنطوي على ما يمكن اعتباره نفاقا سياسيا.

الموقف المغربي الصامت برأي بعض المحللين والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، إزاء زيارة دي ميستورا إلى روسيا، و”المتعجرف” إزاء زيارة المسؤول ذاته إلى دولة جنوب إفريقيا، يكشف عن انفصام وازدواجية في السياسة الخارجية للنظام العلوي، الأمر الذي وضعه بحق في حرج كبير أمام الرأي العام المحلي والدولي.

شارك المقال على :