تقرير: الجزائر ستسخدم مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء لتعزيز نفوذها في غرب إفريقيا وأوروبا

أبرمت الجزائر مع نيجيريا والنيجر في 11 فبراير اتفاقيات لإطلاق خط أنابيب الغاز عبر الصحراء الكبرى (TSGP)، بما يشمل تحديث دراسات الجدوى، واتفاقية عدم الإفصاح بين شركات الطاقة الوطنية المشاركة في المشروع من الدول الثلاث.

ويمتد الخط بطول 4000 كم، لنقل نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويا إلى الجزائر عبر النيجر، ثم إلى الأسواق الأوروبية، كما سيخدم أسواق الطاقة المحلية على طول الطريق في الدول الثلاث.

وأشار موقع “أسباب” البحثي إلى أن الدوافع الجيوسياسية المتمثلة في موازنة النفوذ المغربي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، والحفاظ على مكانة الجزائر في سوق الطاقة الأوروبية، تشكل المحرك الرئيسي للجزائر للمضي قدما في تطوير مشروع خط أنابيب عبر الصحراء.

وذكر تقرير الموقع أن فكرة المشروع، المعروف أيضا باسم خط أنابيب (NIGAL)، تعود إلى عام 2009. لكنّه اكتسب أهمية استراتيجية متزايدة بعد تزايد الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وكذلك بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الجزائر والمغرب في الآونة الأخيرة والتي أدت إلى وقف العمل بخط أنابيب “المغرب العربي-الأوروبي” الذي ينقل الغاز الجزائري إلى كل من المغرب وإسبانيا.

وكشف التقرير أن المشروع يمنح الجزائر القدرة على الحفاظ على مكانتها كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة الأوروبية، الأمر الذي يوفر لها عائدات اقتصادية ضخمة، كما يعزز نفوذها داخل أوروبا، ويمنحها المزيد من أدوات التأثير في محيطها الإقليمي.

وتعد الجزائر من أكبر مصدري الغاز لأوروبا بنسبة حوالي 14% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي، وتستقبل كل من إيطاليا وإسبانيا الغاز المسال الجزائري، وكذلك الغاز المنقول عبر خط أنابيب “ميدغاز” إلى إسبانيا وخط “ترانس ميد” الذي يمر عبر تونس إلى إيطاليا التي تعد سوق التصدير الرئيسي للجزائر.

وأشار التقرير إلى أن مشروع خط الغاز عبر الصحراء يأتي في إطار استراتيجية جزائرية أوسع تهدف إلى تعزيز وجودها في منطقة الساحل وغرب أفريقيا. ويمنحها قدرة أكبر على منافسة النفوذ المغربي في المنطقة، خاصة في صراعها مع الرباط حول الصحراء الغربية، حيث تمكن المغرب عبر استخدامه لدبلوماسية الأمر الواقع من استمالة الولايات المتحدة في نهاية عهدة ترامب الأولى مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني، إضافة إلى اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسيادة المزعومة على الصحراء الغربية، الأمر الذي أدى إلى تصاعد الصراع الإقليمي بين الجزائر والمغرب ووصول العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.

وقد فضح توقيع الجزائر مع نيجيريا والنيجر مزاعم المغرب بوجود مشروع آحر وهمي يتمثل في ما يسمى “خط أنابيب عبر الصحراء” والذي طرحه المغرب كمنافس لمشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-الجزائر، حيث تبين أنه مجرد اقتراح مشروع يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من نيجيريا إلى دول غرب أفريقيا والمغرب، عبر 11 دولة أفريقية هي بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، مع إمكانية توريد الغاز إلى أوروبا.

ويسعى نظام المخزن من وراء مشروعه المزعوم هذا إلى تهديد الجزائر عبر محاولة المغرب تعزيز نفوذه في المنطقة، حيث يدعي أنه بوسعه أن يحد من اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري ويفقد الأخيرة واحدة من وسائل إدارة علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.

وفي ما يتعلق بتكلفة المشروع الجزائري فقد أشارت تقارير إلى أن تقديرات خط الأنابيب عام 2009 بلغت حوالي 13 مليار دولار، إلا أنه لم يتم تقديم أي أرقام جديدة خلال الاتفاق المعلن، ويذكر موقع “أسباب” أن التقديرات المبدئية تشير إلى “ارتفاع التكلفة في الوقت الراهن بما يناهز 20 مليار دولار على أقل تقدير”.