تحتفظ ذاكرة النخب الفرنسية عموما واليمين المتطرف خصوصا، بقصص بطولية لرجال المخابرات الجزائرية، التي استطاعت اختراق النسيج الأمني والسياسي والاجتماعي الفرنسي خلال الثورة وبعدها.
قصص بقدر ما، تحيي فيهم جراح الهزيمة والفشل، بقدر ما تثير فينا كجزائريين مشاعر الافتخار ونشوة الانتصار.
استطاعت مخابرات الثورة أو ما يعرف بالمالغ، اختراق النظام الاستعماري الفرنسي، في الجزائر الواقعة تحت نظام استعماري عسكري أمني وحشي، أو في فرنسا.
إذ تمكنت مخابرات الثورة من تجنيد فرنسيين للعمل لصالح الثورة، كحاملي الحقائب وغيرهم ممن اعتنقوا أفكار الثورة كمشكاة في سماء الإنسانية.
تتذكر النخب الفرنسية، بصفة عامة، واليمين المنحرف، عفوا المتطرف، بصفة خاصة. كيف تمكن أحد أبطال العمل السري الجزائري وهو مسعود زقار المعروف برشيد كازا، من تجنيد عقيد في ديوان الجنرال شارل ديغول للعمل لصالح الثورة، بل جند حتى سكرتيرة الجنرال نفسها، مما أعطى نفسا للعمل الثوري حسب العديد من المراجع.
إذن، لا غرابة أن تحرك دوائر اليمين المتطرف، ذبابها وغربانها، ضد الجيش الجزائري عموما وقلبه النابض خصوصا. نحن هنا نقصد جهاز المخابرات ورجاله الذين باتوا هدفا لحملة فرنسية، يريد مهندسوها من ورائها، إحداث شرخ في مؤسسات الدولة.
طبعا هم يتصرفون مع الجزائر، كما يتصرفون مع جمهوريات الموز، رغم أن عقلاء فرنسا يدركون إدراكا راسخا، أن الجزائر دولة بمؤسساتها وبقرارها المستقل.
هجوم اليمين المتطرف في فرنسا على الجيش الجزائري، ليس وليد اليوم، فالكل يتذكر من كان وراء شعار “من يقتل من؟” تسعينيات القرن الماضي، في حملة شرسة لإضعاف الجيش والقوى الحية أمام آلة الإرهاب الهمجي؟
يتذكر المهتمون بالسياسة والأمن كيف نال الجيش الجزائري وجهازه الأمني التقدير والاحترام من الدول العظمى وعلى رأسهم أمريكا بعد حربه ضد إجرام الجماعات الإرهابية، وهو ما شكل عقدة مستديمة للأمن الفرنسي ونخبه السياسية المتطرفة.
ليس ببعيد، قرأنا وسمعنا كيف حاولت دوائر فرنسية اختراق الحراك السلمي للشعب الجزائري، وهو المسعى الذي افشلته قوى الأمن الجزائرية واستطاعت حماية السلمية دون أن تخدش بجرح.
لكل ما سبق، يتضح أن اليمين الفرنسي، بسياسييه وأمنييه وصحفييه، يدركون أن جهاز المخابرات الجزائرية، من بوصوف إلى الجن، وعلى مدار سبعين سنة تقريبا، ظل الصخرة التي تحطمت عليها كل مشاريعهم التخريبية، لذا يحاولون نحت الحجر دون كلل ولا ملل لعل وعسى.. ولكن تجري رياح الجزائر بما لا تشتهيه سفن اليمين المنحرف.