تحامل ماكرون على الجزائر.. حين يرافع عديم الشرف عن السمعة!.. بقلم: حنان مهدي

تحامل ماكرون على الجزائر.. حين يرافع عديم الشرف عن السمعة!.. بقلم: حنان مهدي

لا يمكن أن تمر تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرور الكرام علينا كجزائريين، فتلك التصريحات غير المسؤولة التي وصف فيها الجزائر بأنها “تسيء إلى سمعتها” عالميا تعكس عقلية استعمارية متجذرة لا تزال تؤرق فرنسا التي يبدو أنها لم تهضم بعد خسارتها الفادحة للجزائر.

 

لقد كان الأجدر بماكرون القلق على سمعة بلاده المتهاوية بفضائح تاريخية وإرث عظيم من الإساءة لشعوب افريقيا واضطهادها، وإذا كان الحديث عن السمعة والشرف هو جوهر تصريحاته، فإنني أدعوه في هذا المقام بأن يلتفت إلى تاريخهم المثقل بالجرائم ضد الإنسانية لنرى من سمعته سيئة حقا!.. فكيف يمكن لفرنسا التي ارتكبت أبشع المجازر الدموية في تاريخ البشرية أن تزايد على الجزائر بشأن صورتها الدولية؟.. هل نسي ماكرون أن بلاده استعمرت الجزائر طيلة 132 عاما ولم تخرج منها إلا بإرث دموي فظيع من الدمار والفقر والجهل؟.. هل نسي ما ارتكبته بلاده من جرائم يندى لها الجبين خلال حروبهم على الأفارقة كالسنغال ومالي؟.. وماذا عن دور فرنسا في تأجيج الحروب بمنطقة الشرق الأوسط كحرب العراق سنة 2003 بدعمها للهجوم الأمريكي الذي أسفر عن مقتل مليون عراقي بريء، وكذلك دعمها المطلق للكيان الصهيوني المجرم الذي يقتل ويذبح الفلسطينيين بلا رحمة أو شفقة.. فهل من عاقل يحث هذا المجنون على تنظيف تاريخ بلاده قبل أن يهتم بمحاولة تلميع صورة الآخرين النظيفة أصلا!

 

إن فرنسا اليوم ليست أبدا في موقع يؤهلها لإعطاء دروس عن “السمعة” لدولة قدمت الملايين من الشهداء في سبيل نيل حريتها منها، وإن مجرد الحديث عن ذلك من قبل رئيس يمثل دولة ترفض بشكل قاطع تقديم اعتذار رسمي عن جرائمها ضد الإنسانية في الجزائر لهو أشبه بلص محترف يلقي محاضرة عن النزاهة أو راقصة ترافع عن الشرف!

 

وفي وقت يتنصل فيه ماكرون من مسؤولية بلاده عن جرائمها الاستعمارية، جاء تصريحه الأخير ليكشف عن ازدواجية فاضحة.. فهو لا يرفع شعار “حرية التعبير” حبا في الخائن صنصال حقا، بل موقفه هذا استغلال مقيت للقضية كأداة لخدمة أجنداته السياسية المعادية للجزائر تحت غطاء الدفاع عن المعارضة الفكرية، وما حديثه عن حرية التعبير إلا دليل عن مدى الانتقائية المفرطة والازدواجية المستفزة في المعايير، ففرنسا ذاتها تلاحق المثقفين والمفكرين الفرنسيين الذين ينتقدون سياساتها ويشككون في شرعية إرثها الاستعماري؟!

 

ولعل أكثر ما يشفي الغليل وسط كل هذا العبث هو مستوى الرد الذي ظهرت به الدبلوماسية الجزائرية التي أفحمت فرنسا بحثها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وكذلك الرد الشعبي الذي أكد بلا مواربة أن السيادة الوطنية خط أحمر، وأن الجزائر لا تقبل مواعظا حول السمعة من قبل من لا شرف لهم.. كما لا ترضى بأي محاولات للتأثير على مواقفها المستقلة.

 

لقد بات لازما على ماكرون ومن خلفه، أن يستوعبوا أن زمن الهيمنة قد ولى بلا رجعة.. وأن جزائر اليوم ليست كما كانت بالأمس فهي دولة حرة لا تسمح بتشويه سمعتها، ومن كان يعتقد بأنها ستتراجع عن مواقفها تحت هذا الضغط فهو مجرد واهم.

 

حنان مهدي