التباهي في مواقع التواصل الاجتماعي مرض العصر … بقلم الإعلامية التونسية فريهان طايع

التباهي في مواقع التواصل الاجتماعي مرض العصر … بقلم الإعلامية التونسية فريهان طايع

فلكونك تملك مقومات العيش الكريم هذه نعم لا يملكها غيرك، ولم تكن يوما هذه النعم التي أنعم بها الله عليك باب للتبذير والتباهي والتقاط الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فأستغرب من تفاهة الذين يقومون بهذه التصرفات غير الراقية وغير اللائقة وغير اللبقة.

التباهي بالسفرة وبعدد المأكولات الغير المتناهية والتبذير في حين هناك اليوم أطفال يموتون بالجوع في كل العالم.

لن أتحدث فقط عن العالم العربي بل كل العالم، لكن في المقابل هناك أشخاص يتباهون بالأكل في المطاعم.

من المفترض أن لا تكون صور التواصل الاجتماعي بهذا الأسلوب، لكن اليوم أصبحت حياة الناس الشخصية منتشرة بكل تفاصيلها وأصبحت باباً للتفاخر، لكن ما لا يعلمه البعض أن الإنسان الراقي والثري ليس بحاجة لإثبات شيء لأنه يعيش في اكتفاء ذاتي مع نفسه، بينما الإنسان غير الراقي هو الذي يكسر نفوس المعدومين بتصوير الأكل في مواقع التواصل الاجتماعي.

هل فكر هؤلاء في حجم معاناة البعض فقط من أجل وجبة بسيطة تكفي جوعهم، هذه الوجبة البسيطة تكلف الغير حياته وحياة أبنائه.

لكن اليوم وسائل التواصل الاجتماعي دمرت كلمة الإحساس بالآخرء فعلى سبيل المثال هذه  النماذج :

احتفلت بعيد ميلاد ابنتها فتنشر صور عيد الميلاد، عيد الميلاد البذخ لتتفاخر بدون أن تفكر في الأطفال الآخرين المحرومين.

اشترت لابنتها ملابساً، فإنها ستنشر هذه الملابس على مواقع التواصل الاجتماعي بدون أن تفكر في الأطفال الذين لا يجدون لباساً واحداً يسترهم ويدفئهم في البرد.

اشترت لابنتها أكل فإنها ستنشر هذه الصور وتتباهى بها بدون أن تفكر في الأطفال الذين ربما يتمنون فقط القليل من الخبز.

لن أقول احرموا أنفسكم من العيش بل عيشوا مثلما تشاؤون لكن هذه الصور من الإنسانية أن تبقى في ألبوماتكم العائلية وليست باب للتفاخر على حساب الأطفال المحرومين.

يحزنني هذا الوضع، حيث نلقي كل يوم كميات أكل لا متناهية في حين أن غيرنا لا يجده، كم أصبحنا أنانيين وبدون ضمير.

مواقع التواصل الاجتماعي سلبت الوجدان حيث أصبح الجميع فقط في تنافس على أشياء سطحية وتافهة، فعندما تملك نعمة احمد الله واستمتع بها لكن فكر في غيرك ولا تنشرها .

عندما تبذر لا بأس لو فكرت في غيرك محروم من نعمة أنت تلقيها، نحن بحاجة للثقافة الإنسانية والتفكير بمنطلق الأنا والآخر وليس الأنا فقط .

لكن مواقع التواصل الاجتماعي أثبتت كم أن الناس أنانيون ومستغرقون في لذاتهم.

ذهبت إلى مطعم لا بأس لو استمعت بأكلك دون تصويره، واشتريت مقتنيات لا بأس لو ارتديتها واستمتعت بها دون أن تصور المحلات التي اقتنيت منها، واحتفلت بالعيد وأعددت سفرة لا بأس لو استمتعت بها دون تصويرها.

نحن بحاجة لثقافة أشمل من هذه التفاهات،

لا يصدق أحدكم كمية المحرومين من لقمة عيش بسيطة، ولا يصدق أحدكم كمية أوجاع المعدومين في فلسطين و غيرها .

 

ارحموا كي ترحموا، هذا شعار ديننا ولم تكن يوما هذه التصرفات تصرفات مسلمين، بل كانت تصرفات قوم الجاهلية الذين كانوا يحتفلون بالولائم وكانوا يعيشون في التباهي والرياء والتفاخر .