تواصل الجزائر عهدتها بمجلس الأمن الدولي للعام الثاني توالياً، في إطار عضويتها غير الدائمة بالمجلس 2024 – 2025، حيث ترأست هذا الشهر المجلس.
وعملت الجزائر، خلال فترة رئاستها لمجلس الأمن الدولي، على الدفاع عن القضايا العادلة، ومواجهة التحديات التي تهدد السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن إيصال صوت إفريقيا إلى العالم، واضعةً المنطقتين العربية والإفريقية في صلب أولوياتها.
وخلال فترة رئاستها للمجلس، على مدار شهر كامل، نجحت الدبلوماسية الجزائرية، وبفضل توجيهات من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، من معالجة عديد القضايا والتحديات العالمية المتعلقة بالسلم والأمن، وأبرزها القضية الفلسطينية، الوضع في كل من لبنان، سوريا، اليمن، ليبيا والسودان، إضافة إلى الأزمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي وكولومبيا، مع التركيز على مكافحة الإرهاب في إفريقيا.
وخلال ذات الفترة، عملت الجزائر على
عقد العديد من الاجتماعات الطارئة لمناقشة قضايا الساعة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتهديدات إغلاق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من قبل الاحتلال الصهيوني.
وبالحديث عن القضية الفلسطينية، وما تشهده الاراضي الفلسطينية من قتل وتدمير، فقد أكدت الجزائر خلال اجتماع عُقد عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والاحتلال الصهيوني، على أهمية اضطلاع المجلس بمسؤولياته لتثبيت الاتفاق ومتابعة تنفيذه، والدفع نحو إطلاق مسار سياسي جاد تحت رعاية الأمم المتحدة للوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، مجددةً استعدادها لمواصلة جهودها في دعم الشعب الفلسطيني وتلبية احتياجاته الإنسانية، والمساهمة في مسار المصالحة الوطنية الفلسطينية، مع تثبيت حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية.
وترأست الجزائر أيضاً جلسة لمجلس الأمن حول السودان وجنوب السودان، أوضح خلالها عضو البعثة الدائمة للجزائر لدى الأمم المتحدة توفيق العيد كودري، أن عدم امتثال قوات الدعم السريع لقرار مجلس الأمن من خلال استمرار حصارها لمدينة الفاشر يمثل مصدر قلق للغاية.
كما أشار الدبلوماسي الجزائري، إلى أن إقليم دارفور والسودان يواجه على نطاق أوسع، مستوى غير مسبوق من التصعيد في عدة مناطق مع تزايد خطر اتساع رقعة الصراع ليشمل الدول المجاورة.
وكرر عضو البعثة الدائمة للجزائر لدى الأمم المتحدة، دعوته إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار لتمهيد الطريق نحو عملية سياسية سودانية حقيقية وهادفة، وشجع الأطراف المعنية على زيادة تيسير وصول المساعدات الإنسانية وضمان استدامتها.
وبالحديث عن دولة لبنان، فقد أكدت الجزائر بصفتها رئيسةً لمجلس الأمن الدولي، على أهمية تضافر الجهود بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة لإبعاد هذا البلد عن الاضطرابات المستمرة.
أما عن سوريا التي شهدت سقوط نظام بشار الأسد، فقد شددت الجزائر على ضرورة مرافقتها في مسار استعادة السلم والأمن واستعادة سيادتها الكاملة.
وإضافة إلى كل ما سلف ذكره، فقد دعت الجزائر إلى وقف التدخلات العسكرية التي تعرقل جهود الأمن والسلام في دولة اليمن، ودعمت عملية سياسية بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما تمكنت الجزائر من انتزاع موافقة تاريخية تتيح للمؤسسة الليبية للاستثمار إعادة استثمار أصولها المجمدة في المنظمات المالية الدولية، وهو قرار يحمي هذه الأصول من التآكل ويحفظ قيمتها، إضافة إلى إلزام لجنة العقوبات بإبلاغ السلطات الليبية بمستجدات الأصول المجمدة، بما يمنح ليبيا فرصة أكبر لتتبع أموالها.
ونظرًا للدور المحوري الذي تلعبه الجزائر في مكافحة الإرهاب في إفريقيا، فقد دعت إلى اجتماع رفيع المستوى لدق ناقوس الخطر بشأن انتشار الإرهاب في القارة، أين قدم وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، بتكليف من رئيس الجمهورية، رؤية الجزائر لمكافحة الإرهاب والتطرف في إفريقيا، مشددًا على أهمية معالجة أسباب الظاهرة إلى جانب تداعياتها الأمنية.
وشهد الاجتماع، إشادة واسعة من طرف المشاركين بدور الجزائر وتجربتها الرائدة في مكافحة الإرهاب، مؤكدين على أهمية الاستفادة من تجربتها، إضافة إلى أن مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، السفير بانكولي أديوي، عبر عن تقديره لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لدعمه المستمر للمساعي القارية لمكافحة الإرهاب.
وبالحديث عن سلسلة الإنجازات الحافلة للجزائر خلال فترة ترؤسها لمجلس الأمن، فقد تبنّى المجلس بيانًا رئاسيًا بمبادرة جزائرية يكرّس الاعتراف الدولي بدور نصير الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب، وهو تطور يعكس ثقة المجتمع الدولي في الجزائر وجهودها الريادية في القضايا الأمنية.
كما أقر مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من الجزائر وبعد مشاورات دامت أكثر من 6 أشهر، بمبدأ المساواة في الاطلاع على وثائق المجلس الداخلية وغير المتاحة للنشر لكل أعضائه دون تمييز بعدما كان يقتصر على الأعضاء الدائمين دون سواهم.