الريف المغربي.. قضية شعب عانى طويلا من ظلم وغطرسة نظام المخزن

تعود قضية الريف إلى عام 1921، تاريخ إعلان أول جمهورية للريف، من قبل الجمهورية الاتحادية لقبائل الريف، والتي استمرت حتى عام 1926، ومنذ ذلك الحين يتعرض شعب الريف للاضطهاد منذ سنوات، على الرغم من كونه يحتل جزءًا كبيرًا جدًا من مساحة المملكة المغربية، التي تنقسم إلى عدة مناطق؛ وهي الريف الشرقي (مليلية ودريوش والناظور) والريف الأوسط (الحسيمة وتارغيست) والتي تمثل شمال شرق المغرب، وكلاهما يسكنهما الريفيون، في حين تحتل منطقة الريف الغربي (تطوان وشفشاون)، والتي تسمى أيضًا شبه جزيرة تنجيتيان، شمال غرب المغرب، حيث يقطنها بشكل رئيسي قبائل جبالة، غمارة وصنهاجة اسراير.

وسيذكر التاريخ أن العديد من حركات الاستقلال تعاقبت عبر الزمن، مطالبة بالحرية وتقرير المصير لمنطقة الريف، وفي كل مرة تتعرض للقمع، بداية بالمقاومة الريفية بشمال المغرب إبان الاستعمار الإسباني وبقيادة الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، من أشرس وأقوى المقاومات بشمال إفريقيا وبل في كل دول العالم الثالث.

يمكن القول إن التاريخ يعيد نفسه في ريف المغرب المتمرد، بعد مرور نصف قرن على الأحداث التي شهدها، والتي اتسمت بعمليات القمع من قبل الجيش المغربي، لطمس أي بادرة من بوادر الثورة. ورغم ذلك عادت موجة الاحتجاجات لتكتسح ريف المغرب مرة أخرى مع عناصر فاعلة وأبطال جدد، ولكن لأهداف مماثلة ومتشابهة.

من الواضح أن السبب وراء هذه الاحتجاجات وتأجج نار الغضب الريفي، هو أن الوضع في المنطقة لم يسجل أي تحسن يذكر. علاوة على ذلك، ما تزال المشاكل التي لطالما أنهكت هذه الأراضي الفقيرة على حالها. وقد مثلت كل هذه العوامل حافزًا للتمرد، ودافعًا رئيسيًّا للنزوح إلى مناطق مغربية أكثر ازدهارًا أو الهجرة إلى أوروبا.

وفي عام 1984 تجددت الاحتجاجات في المنطقة ضد «التهميش» أيضًا، وقد نجحت السلطات في السيطرة على الوضع مجددًا. وكانت مدينة الحسيمة مركز الاحتجاجات التي تعرف «بانتفاضة الخبز» عام 1984. وهي المدينة الوحيدة التي سقط فيها قتلى في احتجاجات 2011.

ويعود آخرها إلى السنوات الأخيرة، حيث تم اعتقال العديد من القادة (على غرار الزفزافي وآخرين من حراك الحسيمة)، بما يصحب ذلك من مشاهد تعذيب وسجن تعسفي، وقد أدى مقتل أحد المقاومين الريفيين إلى اندلاع ثورة عارمة ضد نظام المخزن المركزي.

على هذا المنوال، أدان الشتات الريفي الذي نشأ في الخارج، ولا سيما بفرنسا وبلجيكا، انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات المغربية، كما شجبت مجموعة من سبعين (70) جمعية ونقابة في باريس، القمع الأعمى للمخزن، بعد تأكيد الأحكام الصادرة بحق مناضلي حراك الريف، لترتفع الأصوات مرة أخرى للمطالبة بتقرير المصير للريف.