السردية الصهيونية تحتضر: كيف فضح مشهد واحد أكاذيب الاحتلال وانتصرت الحقيقة؟

بقلم: د. هناء سعادة

 

الجزائر – شهد العالم لحظة تاريخية خلال عملية تبادل الأسرى الأخيرة، عندما ظهر الجندي الصهيوني الأسير عومير شيم توف وهو يُقبّل رأس أحد آسريه من كتائب القسام، في مشهد أسقط آخر أوراق التوت عن الرواية الصهيونية التي طالما وصفت المقاومة بالوحشية. لم تكن هذه اللحظة مجرد لقطة عابرة، بل كانت زلزالًا ضرب الدعاية الصهيونية في مقتل، كاشفًا عن الفارق الأخلاقي الصارخ بين المقاومة الفلسطينية وسجّاني الاحتلال الذين يمارسون أبشع الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين.

 

لقد تجلّت الحقيقة الساطعة في هذه الصورة التي هزّت أركان الدعاية الصهيونية وأسقطت الأقنعة عن كيان إرهابي احترف الكذب والتضليل لعقود. ها هو الأسير نفسه، الذي كان يُصوَّر كضحية بين أيدي من يُوصفون بالإرهابيين، ينحني احترامًا لمن أسروه، في اعتراف ضمني بأنهم أكثر إنسانية وعدالة من الصهاينة الذين لا يعرفون إلا البطش والهمجية. إنّها لحظة فارقة تكشف جوهر الصراع، حيث يقف الاحتلال مجرّدًا من أي ادّعاء أخلاقي، بينما تبرز المقاومة الفلسطينية كقوة إنسانية لا تقارع الاحتلال بالسلاح فحسب، بل تسحق دعايته الزائفة بالحقيقة الدامغة.

 

المقاومة الفلسطينية: قوة أخلاقية تتحدى زيف الاحتلال

 

 

لقد أظهرت المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، بُعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا راقيًا في تعاملها مع الأسرى، مما جعلها تكسب احترام الرأي العام العالمي، على عكس الاحتلال الذي لا يجيد إلا القمع والبطش. بدأت هذه الحقيقة تتسلل حتى إلى داخل المجتمع الصهيوني، حيث أظهر استطلاع رأي نشرته صحيفة جيروزاليم بوست أن 50% من الصهاينة لم يعودوا يثقون بالرواية الرسمية التي تساوي بين المقاومة الفلسطينية والنازية، في دلالة واضحة على تهاوي الدعاية الصهيونية.

 

في المقابل، يقبع آلاف الأسرى الفلسطينيين في زنازين الاحتلال، حيث يتعرضون لأبشع أشكال التعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية. يقضي هؤلاء الأسرى سنوات طويلة في العزل الانفرادي، محرومين من أبسط حقوقهم، بينما يمارس الاحتلال سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحقهم، مما يؤدي إلى استشهاد العديد منهم داخل السجون، حيث تفيد تقارير حقوقية بأن سلطات الاحتلال تستخدم أساليب تحقيق وحشية، تشمل التعذيب بالكهرباء والحرمان من النوم والضرب المبرح، فضلًا عن استخدام الأسرى كرهائن سياسية للضغط على المقاومة.

 

لم يعد بإمكان الاحتلال الاختباء خلف دعايته الكاذبة، فجرائمه في السجون شاهدة على وحشيته، ومعاملة المقاومة لأسرى العدو تفضح هشاشته الأخلاقية. إنّها لحظة مفصلية تُعيد رسم معادلة الصراع، حيث يبقى الاحتلال، بكل ما يملكه من قوة باطشة، الطرف المهزوم أخلاقيًا، بينما تثبت المقاومة الفلسطينية، مرة تلو الأخرى، أنها تمثل إرادة الحق في مواجهة الباطل، وستظل على هذا النهج حتى تحرير الأرض والإنسان.