المخزن ينحدر إلى قاع التطبيع ويبرم صفقة شراء أسلحة من شركة صهيونية

أدار نظام المخزن ظهره لآلاف المسيرات التي نظمها المغاربة في جميع أنحاء المملكة طيلة 15 شهرا، منذ بداية طوفان الأقصى، ولم يلتفت إلى مطالباتهم له بوقف التطبيع وإلغاء اتفاقيات التعاون الثنائي مع الكيان الصهيوني، وبدلا من ذلك قرّر المرور إلى السرعة القصوى في علاقاته معه مفضّلا إبرام صفقة شراء أسلحة في ظرف يتسّم بمساعي أمريكية حثيثة لتهجير سكان قطاع غزة إلى دول محتملة، من بينها المغرب، ودفن خيار حل الدولتين لصالح إقامة دولة فلسطينية على أراضي دولة عربية أخرى، كما دعا إليه رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو.

وفي هذا السياق، أكدت صحيفة لا تريبون “La Tribune” الفرنسية أن المغرب أبرم صفقة مع المجموعة الصهيونية “إلبيت سيستمز” لتزويد قواته المسلحة بـ 36 مدفعًا ذاتي الدفع من طراز “أتموس 2000″، في حين لم يصدر أي بيان رسمي مغربي يؤكد أو ينفي ما كشفته الصحيفة الفرنسية حتى الآن.

وأوضح ذات المصدر أنّ كل العوامل تقريبًا كانت تصب في صالح المجموعة (KNDS) الفرنسية للحصول على طلبية جديدة من المغرب لشراء مدافع “سيزار”، خاصة بعد التقارب الكبير بين الرباط وباريس عقب الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب في أكتوبر الماضي، بعد اعتراف فرنسا بما يسمى “مغربية الصحراء”، غير أنّ نظام المخزن فضّل إبرام الصفقة مع الشركة الصهيونية.

وفي تفسيرها لهذه “الهزيمة” للسلاح الفرنسي، أوضح المصدر ذاته أنه بعد تسليم أولى مدافع “سيزار” للمغرب سنة 2022، بدأت المشاكل بين القوات المسلحة الملكية المغربية والشركة الفرنسية، إذ اشتكى المغرب من مشاكل متكررة في أنظمة المدفعية التي تم تسليمها، في الوقت الذي استغرقت الشركة الفرنسية وقتًا طويلاً للرد على بعض مطالب الرباط، مؤكدة حسب مصادرها أن “بعض المدافع لا تزال غير صالحة للعمل حتى الآن”.

وأضافت “لاتريبون” أن “التراخي الفرنسي” في معالجة طلبات المغرب أثار استياءه، مما دفعه إلى اغتنام الفرصة عندما قدمت “إلبيت سيستمز” عرضًا بمدافع “أتموس 2000″، مضيفة أن “المغرب كان ينتظر عرضًا تجاريًا تفضيليًا من الفرنسيين لم يأتِ أبدًا”، وهو ما ساهم في خسارة (KNDS) في السوق المغربية.

وتابعت أن هذا الفشل في بيع نظام المدفعية الفرنسي بسبب “التراخي” أدى أيضًا إلى إقصاء شركة “آركوس” الفرنسية التي كانت تأمل في بيع مركبات دعم مرافقة للقوات المسلحة الملكية المغربية.

ويُضاف هذا المعطى إلى فشل فرنسي آخر يتعلق بصفقة بيع طائرات “رافال” الفرنسية للمغرب، والتي ربطت صحيفة “ليكسبريس” قبل أيام أسباب فشلها بفارق السعر الكبير بين السعر الذي تشتري به الدولة الفرنسية الطائرات والسعر الذي اقترحته شركة “داسو للطيران” المصنعة لطائرات “رافال” على المغرب، وهو ما جعل مختلف الأطراف الفرنسية تتبادل الاتهامات بين بعضها البعض حول هوية من أفشى “سر فارق السعر”.

وحسب “ليكسبريس”، فقد دخلت فرنسا في مفاوضات مع المملكة المغربية لبيع طائراتها الحربية بـ”ثقة زائدة” هي الأخرى، وذلك نظرًا للعلاقات الوثيقة التي تجمع بين البلدين والتي تعززت مؤخرًا باعتراف الجمهورية الفرنسية بـ “مغربية الصحراء” المزعومة، موضحة نقلًا عن أحد المصادر في الجيش الفرنسي أن فرنسا اعتقدت أنها كسبت المعركة “لأن الأمر يتعلق بالمغرب، وكأن هذا البلد سيوقع مع فرنسا تلقائيًا”.

وبالعودة إلى صفقة المدفعية ذاتية الدفع التي أبرمها المغرب مع شركة “إلبيت سيستمز” الصهيونية، فإنها تمثل رابع هزيمة لفرنسا في أقل من عامين في سوق المدافع ذاتية الدفع أمام ذات الشركة، بعد أن خسرت “KNDS France” أمام “إلبيت سيستمز” في صفقات مع الدنمارك وكولومبيا وأخيرًا البرازيل. وذلك رغم أن الشركة الفرنسية “كانت تمتلك جميع المقومات للفوز”، وفقًا لمصادر متخصصة في الشأن العسكري.

وتأتي هذه الاتفاقية المبرمة بن نظام المخزن والكيان الصهيوني، أسابيع فقط من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية-حماس- وجيش الاحتلال الصهيوني الذي تسبب بعدوانه على غزة في أكبر إبادة جماعية على الأقل منذ بداية القرن الحالي.