المعارض المغربي المعطي منجب: ما أتعرض له جزء من “اقتصاد القمع” في المغرب والنخب الفرنسية تتعامل معي بازدواجية لأنني “يساري”

المعارض المغربي المعطي منجب: ما أتعرض له جزء من “اقتصاد القمع” في المغرب والنخب الفرنسية تتعامل معي بازدواجية لأنني “يساري”

أوضح المؤرخ المغربي-الفرنسي المعطي منجب أن منعه من مغادرة الأراضي المغربية، رغم صدور عفو ملكي لصالحه، دفعه إلى خوض إضراب عن الطعام، احتجاجاً على ما وصفه بـ”حملة تضييق ممنهجة تستهدف الأصوات المنتقدة للنظام في المغرب”. جاء ذلك في مقابلة مطولة أجراها معه الصحفي عمر بروكسي، ونُشرت بتاريخ 10 أبريل 2025 على موقع “أوريان 21”، حيث كشف منجب، بصوت أنهكه الإضراب، تفاصيل واقعة منعه من السفر، واستمرار تجميد ممتلكاته، وتعليق عمله كأستاذ جامعي، رغم مرور شهور على العفو الملكي الصادر بحقه في يوليوز 2024.

وأوضح منجب، الذي دخل في الإضراب منذ الثالث من أبريل، أن وضعه القانوني ما زال معلقا، وأنه حُرم من حضور ندوة علمية بدعوة من جامعة السوربون في باريس، بعد أن تم منعه من السفر في مطار الرباط-سلا، رغم حصوله على العفو في يوليوز 2024. وروى تفاصيل الحادثة قائلا: “وصلت إلى مطار الرباط-سلا حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا، ولاحظت وجود وجوه مألوفة من رجال الأمن تعرفني منذ سنوات. حصلت على بطاقة الصعود، مما بعث في نفسي بعض الأمل، غير أن المفاجأة كانت عند بوابة الشرطة، حيث أبلغتني موظفة الأمن بأنني ممنوع من مغادرة البلاد لأن اسمي مدرج في النظام المعلوماتي”. وأضاف: “عندما سألت عن سبب هذا الإجراء رغم انتهاء المهلة القانونية للمنع، لم أتلق أي إجابة، فقط تكرار الجملة نفسها: اسمك مدرج في الكمبيوتر”.

وأكد أنه أعلن عن إضرابه عن الطعام من داخل مطار الرباط، بحضور عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، من بينهم خديجة الرياضي، الناشطة البارزة الحاصلة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وقال في هذا الصدد: “بصوت يخنقه الغضب، أعلنت لهم دخولي الفوري في إضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام، مع احتمال تمديده إذا استمر المنع”. وأشار منجب، الذي يعاني من أمراض مزمنة كالقلب والسكري، إلى أنه اختار هذا الشكل من الاحتجاج لكونه “سلميا بطبيعته”، مضيفا: “لطالما استخدمت وسيلة المعاناة للتعبير عن مواقفي. استنفدت كل الوسائل القضائية والسياسية، ولم يبقَ لي إلا صوتي وجسدي”. وفي رده على سؤال عن رمزية التضييق عليه، قال منجب: “يقولون في المغرب: اضرب الكبير يخاف الصغير. لهذا يُعتقل رموز مثل محمد زيان وناصر الزفزافي وسليمان الريسوني وسعيدة العلمي، بينما يُفرج عن نشطاء أقل شهرة بعد أشهر”.

وشدد على أن السلطات المغربية لا تستند إلى أي سند قانوني لمواصلة حرمانه من حقوقه، قائلا: “المنع القانوني من مغادرة التراب الوطني لا يمكن أن يتجاوز سنة واحدة. ومع ذلك، لا تزال ممتلكاتي، بما فيها سيارتي ومنزلي وحسابي البنكي، مجمدة منذ أكثر من أربع سنوات، دون أي وثيقة قضائية مكتوبة”. ولفت إلى أن هذه الإجراءات غير القانونية تُنفذ دون أي أثر رسمي يُمكن الدفاع بناء عليه، واصفا إياها بأنها “تكتيك متعمد لتجنب الإحراج القضائي”. وأفاد منجب أن محاكمته الفعلية توقفت منذ عام 2021، وأن آخر استدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق تلقاه كان بتاريخ 27 يناير من ذلك العام، مضيفا أن محاميه يُمنعون من تصوير ملف قضيته، ما يعقّد مهمة الدفاع ويجعلها “مجرد عبث شكلي”.

وحول وضعيته المهنية، أكد منجب أن تعليق عمله كأستاذ للتاريخ السياسي بجامعة محمد الخامس في الرباط ما زال ساريا، رغم صدور العفو الملكي الذي يشمل حسب قوله، “استرجاع كافة الحقوق، بما فيها العودة إلى العمل”. واعتبر أن حرمانه من استئناف عمله يأتي ضمن “استراتيجية الضغط المتعدد الاتجاهات التي تمارسها الدولة لإرهاق المعارضين”. وتابع قائلا: “هذا جزء مما أسميه ‘اقتصاد القمع’، حيث تعتمد السلطة على وسائل قمعية محدودة العدد ولكنها شديدة التأثير، من ملاحقات قضائية، وتشويه إعلامي، إلى الضغط على العائلات والمعارف، بدلا من اللجوء إلى السجن المباشر”، وأردف: “الهدف هو خلق مناخ دائم من الخوف والارتياب داخل المجتمع، دون أن يتأثر وجه النظام أمام الخارج”.

واعتبر منجب أن الفساد في المغرب “مستشرٍ في كل مفاصل الدولة”، موضحا أن تداعياته تطال حتى الطبقات المتوسطة والضعيفة، حيث تنهار قطاعات التعليم والصحة، ويجد خريج الثانوية صعوبة في كتابة طلب عمل سليم لغويا. واستعرض أمثلة أخرى عن تغييب مؤسسات الحكامة، وقال: “انظروا كيف تمت إقالة البشير الراشدي من هيئة مكافحة الفساد، وكيف أُجبر إدريس الكراوي، الرئيس السابق لمجلس المنافسة، على الاستقالة بعدما كشف بالأدلة اتفاقات غير قانونية بين موزعي الوقود الكبار، وبينهم شركة مملوكة لرئيس الحكومة”. وأشار إلى أن ذلك جاء عقب تخفيض الدعم الحكومي، إثر احتجاجات 2011. وأضاف: “اليوم، تحاول حكومة أخنوش تصفية ما تبقى من مكتسبات الربيع المغربي”.

وفي ختام حديثه، علّق منجب على المفارقة في تعامل النخب الفرنسية مع قضيته مقارنة بالكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، قائلا: “الفرق بسيط: أنا يساري وصنصال يميني متطرف. هناك انزلاق واضح في فرنسا نحو اليمين المتطرف، وهذا يفسر ازدواجية المعايير”. ورغم ذلك، شدد على موقفه المبدئي: “لا ينبغي أبدا سجن كاتب بسبب أفكاره، وأطالب بالإفراج عن صنصال”.