بعد قرار الرئيس تبون بإطلاق مناقصة دولية لإنتاج فيلم الأمير عبد القادر.. كيف ستحل إشكالية السيناريو؟

حنان مهدي

أصدر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، توجيهات بإطلاق مناقصة دولية لإنتاج وإخراج فيلم “الأمير عبد القادر”، وهو المشروع الذي تعثر انجازه في العديد من المرات، وتم تجميده على مدار سنوات عدة بسبب اشكالية السيناريو.

 

وقد أعاد هذا القرار تسليط الضوء على إشكالية السيناريو باعتباره العقبة الرئيسية التي واجهت مشروع الفيلم، فعلى الرغم من الإرادة السياسية القوية لإنجاز هذا العمل التاريخي الهام، إلا أن السيناريو كان السبب الأساسي في تعثره، اذ لم يتم الاتفاق على اختيار نص سينمائي متكامل يجسد حياة الأمير عبد القادر بمقاييس سينمائية عالمية.

 

ومن بين المحاولات الأولى لكتابة النص السينمائي للفيلم، كان سيناريو الكاتب والمؤرخ، بوعلام بسايح، الذي اعتبره المتخصصون مجرد قصة وسرد لأهم محطات حياة الأمير التاريخية، دون تقديم رؤية سينمائية متكاملة، أما المحاولة الثانية فجاءت من الدكتور والباحث، زعيم خنشلاوي، سنة 2012، ولكن تم تجميد المشروع على الرغم من استهلاكه ميزانية ضخمة تقدر بحوالي 200 مليار سنتيم دون تصوير مشهد واحد.

 

وقد حاول الكاتب والروائي، واسيني الأعرج، أيضًا تحويل كتابه “مسالك أبواب الحديد” إلى سيناريو بالتعاون مع كاتب سيناريو إيطالي، إلا أن المشروع لم ينطلق، وفي عام 2021، قدم السيناريست، رابح ظريف، سيناريو يتضمن سلسلة سينمائية من أربعة أفلام.

 

وفي سنة 2021 أعلن رئيس رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن الإرادة السياسية لإنجاز فيلم الأمير، فتم إنشاء مؤسسة جزائرية تحت إشراف مستشار الرئيس، أحمد راشدي، ليتوقف المشروع قبل نحو سنة، ويحال إلى وزارة الثقافة والفنون التي أنشات لجنة خاصة لاختيار السيناريو، غير أن اللجنة لم تباشر عملها لحد الساعة ولم تطلق أي مسابقة وطنية.

 

والإشكالية الرئيسية التي تطرح حاليا، تكمن في كيفية اختيار السيناريو المثالي، إذ أشار بيان مجلس الوزراء بتاريخ 20 أكتوبر الجاري، إلى إطلاق المناقصة الدولية للإنتاج والإخراج فقط، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول ما إذا كانت شركات الإنتاج ستتقدم بسيناريوهاتها الخاصة؟ أم أن وزارة الثقافة ستقوم باختيار السيناريو أولاً؟

 

ومن الناحية العملية، فإنه يبدو من الصعب أن تتقدم شركات الإنتاج بمقترحات سيناريو خاصة بها، ويبقى الحل لهذه الإشكالية هو إعادة تفعيل لجنة وزارة الثقافة لاختيار السيناريو من خلال مسابقة وطنية، حيث يكون النص الفائز جزءًا أساسيًا من دفتر الشروط في المناقصة الدولية، وهو ما يضمن أن المشروع سيبدأ بأساس سينمائي متين قبل الانتقال إلى مراحل الإنتاج والإخراج.

 

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية، قد أمر بفتح المجال أمام كل الكفاءات السينمائية الجزائرية والعالمية مع مراعاة المضمون المتفق عليه في دفتر الشروط، وذلك بهدف منح هذا العمل البُعد العالمي، لما للأمير عبد القادر من رمزية سامية بالنظر لمساره الذي أفناه في بناء الجزائر المعاصرة وإشعاعه الدولي، وما بذله في سبيل حماية الأقليات عبر العالم، حسب بيان اجتماع مجلس الوزراء.

 

يذكر أن الأمير عبد القادر، مجاهد، ومقاوم شاعر، بايعه الجزائريون عام 1832 أميرا لمقاومة المستعمر الفرنسي، مرت حياته بثلاث مراحل أساسية، الأولى قضاها في طلب العلم والتعرف على أوضاع البلدان العربية في طريق الحج، والثانية عاشها في الجهاد ومقاومة العدو، وقضى الثالثة أسيرا في فرنسا ثم مناضلا محتسبا في دمشق، إلى أن وافته المنية بتاريخ 26 ماي 1883 عن عمر ناهز 76 عاما، ودفن بحي الصالحية بجوار الشيخ ابن عربي تنفيذا لوصيته، وفي عام 1965 تم نقل جثمانه إلى الجزائر ودفن في مقبرة العالية.