طالعتنا إذاعة “مونتي كارلو الدولية” على موقعها الإخباري بمقال لا يمكن وصفه إلا في خانة التهجم على الجزائر، ومن ثم يمكننا أن نضعه في سياق حملة عدائية تستهدف أمنها القومي واستقرارها السياسي.
وهكذا بدا عنوان المقال الذي جاء كالآتي: ” الشرع يرفض الطلب الجزائري بتسليم المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد وسيحاكمهم … فكم يبلغ عددهم؟”، مختصِراً لما يريده من أوعز بشنّ الحملة الدعائية المغرضة ضدّ الجزائر، إنّه عنوان يكفي لمعرفة الفاعل والغرض من فعلته معاً.
وفي بسطها لمضمون هذا العنوان زعم موقع مونتي كارلو، نقلا عن مراسلها في دمشق المدعو ” عدي منصور” أنّ: ” الرئيس السوري أحمد الشرع رفض طلبا تقدم به وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بشأن إطلاق سراح معتقلين من الجيش الجزائري ومليشيات البوليساريو.”
وحتى ولو أغفلنا الحملة الذبابية التي سبقت ورافقت مقال “مونتي كارلو”، التي أدارتها المخابرات المغربية بتنسيق مع اليمين المتطرف الفرنسي المبغض للجزائر والناقم على بقائها مستقلة ومحافظة على سيادتها الوطنية منذ ما يزيد عن 62 سنة، فإنّ مجرّد كيل تهم جزافية بالجيش الوطني الشعبي وجبهة البوليساريو كفيل بأن يدلنا على الجهة التي أوعزت بتحرير مقال “مونتي كارلو”.
لقد سقطت هذه الإذاعة العريقة في قاع اللامهنية وأصبحت مجرّد صفحات صفراء مستعدة لتقبل تلقي المال من أيّ شخص أو أيّ جهة في هذا العالم الفسيح، وترضى بأن يكون زبونا لديها حتى تبيعه أبخس ما تملك من بضائع إعلامية كاسدة، وإلا كيف يمكن تفسير كلّ هذا البؤس الإعلامي المفضوح والمكشوف على العلن.
“مونتي كارلو” تظن أنها تخاطب جمهورا بلا عقول، حتى ولو فرضنا أنّ جميع من قرؤوا مقالها المفبرك هذا يحقدون على الجزائر، فإنّهم سوف يحترمون عقولهم ولن يصدّقوا ما جاء فيه من جمل غير متماسكة وعبارات مرتجفة، من المستحيل أنّها تقنع أحمق ساذج في المجرّة.
هذه الإذاعة التي يكفي أن نعلم أنّ مقرّها يقع في باريس، وما أدراك ما باريس التي أصبحت مرتعاً لليمين المتطرف الفرنسي المتصعلك الذي أصبح يبالغ كثيرا في استخدام وسائل الإعلام السائبة من أجل ممارسة هوايته المفضلة في التهجم على الجزائر، لم يدر بخلدها أنّ الرئيس السوري أحمد الشرع لن يلقي بتصريحاته الخطيرة هذه والتي من المؤكد أنها تثير أزمة حادة بين الجزائر وسوريا في حال أطلقها على الملأ، في أذن مراسلها في دمشق دوناً عن سواه.
هل تعلم “مونتي كارلو الدولية” أنّ الشؤون الدبلوماسية لا تُدار بمثل هذا السخف، فلو أرادت دمشق أن تتواصل مع الجزائر فإنّ هناك قنوات رسمية تتسم بالسرية هي وحدها ما يحقّ له تناقل وتداول مثل هذا الكلام الكبير جدّاً.
وهل تدرك الإذاعة التي فقدت مهنيتها تماماً كما تفقد العاهرة بكارتها في أول ليلة تقضيها مع أول شخص يلتقي بها ليدفع لها ثمن شرفها الضائع الذي لم تمانع في التنازل عنه من أجل إطعام نفسها، أن من دفعوا لها أوصوها أن تضع رقم “500 جندي جزائري”، وهو رقم يكفي لتشكيل كتيبة بحالها، بجانب عدد من “ميليشيات البوليساريو”، فما دخل البوليساريو يا ترى في خبر من المفروض أنه يستهدف الجزائر وحدها، وكأنّ المريب يقول: “خذوني إنني مخزنيّ وأريد أن أفتري على الجزائر التي لم تتنازل إلى الآن عن دعمها للقضية الصحراوية وترفض الاعتراف بمغربية الصحراء”.
من هذا المعتوه الذي سيصدّق مقالا يضع الجزائر وإيران وحزب الله وجبهة البوليساريو وبشار الأسد في “خرّيفة” واحدة، حتى الإعلام العبري لا يستطيع أن يفعلها، وهذا ما يجعنا نستغرب كيف تحولت “مونتي كارلو الدولية” فجأة ودون سابق إنذار إلى إذاعة محلية لا تبعد كثيرا عن القصر العلوي في الرباط!!
نحن في الجزائر اعتدنا على مثل هذه الفبركات الإعلامية التي لا تنشرها القنوات والجرائد العالمية بل تبقى حصرية نقلها حكراً على المخزن وأبواق اليمين المتطرف الفرنسي، فحسب زعمهم فإن الجيش الجزائري قاتل في ليبيا ومالي والنيجر والموزمبيق وكولومبيا وجبال الهمالايا والمريخ وعلى سطح القمر!!