انقضت شهور عدة منذ زلزال سبتمبر 2023 بالمغرب، والذي حول العديد من القرى المتناثرة وسط جبال الأطلس المغربية إلى ركام وما زال كثير من الناجين ينتظرون الحصول على مساعدات حكومية، أسوة بآخرين، في ظل شتاء قاس.
في قرية “دووزرو” يقلب عبد الله أوبلعيد وناجون آخرون كل يوم الأنقاض بحثا عن قطع خشب يستخدمونها للتدفئة والطبخ، أو أية أشياء ذات قيمة مما فقدوه عندما دمر الزلزال بيوتهم ليلة 8 سبتمبر.
تقع القرية ويعني اسمها “تحت الصخرة” بالأمازيغية، على قمة جبل على بعد نحو 80 كيلومترا من مراكش، ولم يتبق منها سوى صومعة مسجد يغطيها طلاء وردي وأبيض.
فقدت القرية المنكوبة نحو 80 من أهلها، وفق شهادات ناجين. وهو رقم لا يمكن التحقق منه في غياب حصيلة مفصلة للضحايا الذين يقارب عددهم 3 آلاف شخص وفق السلطات.
تضرر جراء الزلزال أكثر من 60 ألف شخص في نحو ثلاثة آلاف قرية معظمها يصعب الوصول إليه بسبب وعورة المسالك الجبلية.
على بعد بضع كيلومترات مما تبقى من قرية دووزرو يعيش الناجون في خيام أو أكواخ من طوب إسمنتي أقيمت فوق منبسط قريب من الطريق المؤدية للقرية. وتبرز من هذا الموقع قمم الجبال المغطاة بالثلوج.
ويقول أوبلعيد (35 عاما) وهو يشعر “بالمرارة”، “كلما سألت يقال لي إن الدعم سيصل… لدي أطفال ينتظرون الغذاء والملبس”.
تظاهرات
لا يقتصر الأمر على الناجين في قرية “دووزرو”، إذ نقلت وسائل إعلام محلية في يناير الماضي تظاهرات لمئات المنكوبين في قرية “تلات نيعقوب” واقليم تارودانت، احتجاجا على بطء إعادة البناء وصرف المساعدات، بينما يزيد الشتاء قسوة ظروف عيشهم.
وطرحت النائبة عن فيدرالية اليسار، فاطمة التامني، الموضوع مؤخرا في سؤال موجه لوزير الداخلية في حكومة المخزن عبد الوافي لفتيت، حول “إقصاء متضررين من الزلزال من الدعم والتعويض عن الأضرار”.
وأرجعت سلطات المخزن رفضها لبعض طلبات تلقي الدعم إلى كون أصحابها لا يقطنون في المناطق المتضررة من الزلزال، أو لأن بيوتهم لم تتضرر للحد الذي يجعلها غير قابلة للسكن، حسب زعمها.
في البلدات الأكبر الواقعة عند سفوح الجبال مثل أمزميز (60 كيلومترا عن مراكش) تعود مظاهر الحياة العادية تدريجيا، رغم أن عشرات الخيام ما زالت منصوبة في الساحات الفارغة لإيواء متضررين فقدوا بيوتهم، وهي مغطاة بأقمشة شفافة للحماية من الأمطار والبرد.
هول الصدمة
في مواجهة البرد القارس في المرتفعات استفاد الناجون في قرية “دووزرو” من أكواخ صغيرة بنيت بتقنيات مقاومة للحرارة، بفضل جمعيات هولندية ومغربية، وتغطيها ألواح من الألمنيوم.
ويقول حامد أومحند (68 عاما) “لو لم توجد هذه الأكواخ لأوقعت الرياح الكثيرة التي هبت في الأيام الأخيرة ضحايا… لقد أنقذتنا”.
ويجمع أومحند توقيعات على عريضة تطالب سلطات المخزن بإعادة بناء قرية “دووزرو”، بعد أن يتم صرف كل المساعدات، لكن في موقع آخر عند سفح الجبل.
ويصر سكان القرية على البقاء في أرضهم، لكنهم يخشون في نفس الوقت انهيار الصخور التي كانت تحتضن بيوتهم، وتتكرر المأساة.
ولا يزال الناجون تحت هول الصدمة التي خلفتها المأساة في نفوسهم، زيادة على ظروف عيشهم الصعبة، حيث لا يزورهم أطباء وتتضاءل مواردهم، كما ينبه أومحند.
ويضيف موضحا أن جميع سكان هذه القرية فقدوا قريبا، وواجهو الكارثة بمفردهم عندما ضرب الزلزال، “فمنهم من اضطر للتسلل من تحت الأنقاض.. وبعضهم لا يزال مصدوما”، فيما آخرون “فقدوا صوابهم”.