صحة ورياضة : كيفية الوقاية من الإصابات العضلية

لست بحاجة لأن يخبرك أحد بفوائد الرياضة والنشاط البدني، إذا ما تخطيت العقبات وأصبحت مواظباً على ممارستها وباتت جرءاً من يومك أو أسبوعك، بل إنك لتشعر أنها جزءاً منك لا تستطيع التخلي عنه، فأنت تشعر بالسعادة، وتفريغ شحنات الضغط النفسي والقلب يعمل بأداء أفضل مما كان عليه من قبل، وكذلك التنفس والعضلات أصبحت أشد وأقوى والجسم أكثر رشاقة، وليس هناك مما يفسد عليك مزاجك وحصيلة مجهودك من حدوث إصابة ما كانت في الحسبان، فأنت عندما تبدأ بالرياضة لا تكاد تخطر لك الإصابات ببال.

للأسف قد ننسى أن لهذا الجسم مقدرة وحداً معيناً، وأنه ليس آلة تعمل عمل الليل والنهار بلا كلل أو ملل، وحتى الآلة تحتاج للراحة والصيانة والتعهد من حين لأخر، الجيد أن هناك الكثير مما لتفعله للتقليل من احتمال حدوث الاصابة، لكنك لا تستطيع تقليل احتمال ذلك إلى الصفر.

فكرة سيئة، أن تبدأ تمرينك بعنف كما لو كنت في مباراة تنافسية من أول وهلة. حتى الرياضيين، يقضون وقتا لا بأس به للاحماء قبل خوض غمار التحدي، إذا لم يكن لديك وقت للإحماء فليس لديك وقت للتمرين، فالإحماء هو عملية تحضيرية تسبق تمرينك الأساسي تعمل من خلالها على تحريك العضلات وزيادة تدفق الدم إليها، فترتفع درجة حرارتها وتتأهب للتمرين.

ويتم التركيز على العضلات الكبرى كالرجلين والصدر وخصوصاً التي ستستعملها بشكل أكبر في التمرين، وليست العضلات معنية بهذا فحسب، بل الأربطة والمفاصل كذلك، وبما أن الإحماء تهيئة للعضلات، فهو تمرين بسيط بشدة خفيفة كالمشي السريع أو الجري في نفس المكان تفعله لمدة 3-15 دقيقة. وكلما كان مستوى اللياقة أقل وفترة الانقطاع عن التمرين أكبر، كان الإحماء أوجب في حق صاحبه، بعد ذلك لك أن تقوم بشيء من تمارين الشد ثم تنطلق الى تمرينك. عند الانتهاء تقوم تدريجياً بتخفيض شدة تمرينك، ثم تنهيه بتمارين الشد. قد تظن أن هذا كثير، لكن الحقيقة أنك لن تحتاج إلى إلا دقائق معدودة.

تذكر أن الرياضة والغذاء يمشيان بجانب بعضهما البعض، فالكربوهيدرات والدهون تزود الجسم بالطاقة، والبروتينات تساعد في بناء أنسجة الجسم والفيتامينات والأملاح تساند عمليات الأيض، والماء يسهم في التخلص من المواد العادمة الناتجة من توليد الطاقة وهكذا.

إن تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات والبروتين مهم بعد التمرين مباشرة، حيث تعمل الكربوهيدرات على تعويض الجلايكوجين المخزن في العضلات والذي تم استنفاده، كما يساعد البروتين على تعويض بروتينات الألياف العضلية خصوصاً بعد تمارين رفع الأوزانأ، ما السوائل، فلا يخفى أن الجسم يفقد السوائل والأملاح من خلال العرق، فلا بد من تعويضها خوفا من الجفاف، احرص على أن تذهب الى التمرين وأنت غير عطشان. ستحتاج لبعض الماء خلال التمرين وبالتأكيد بعد التمرين.

لست مضطراً شراء الملابس والأدوات باهظة الثمن ولكن عليك استخدام المناسب منها وذلك للحفاظ على صحة العضلات بشكل عام بالإضافة الى الركبة والمفاصل، فمقاس الحذاء ينبغي أن يكون صحيحاً وملائماً لنوع الرياضة، وكذلك الملابس ينبغي أن تكون مخصصة للرياضة والتعرق لا كالملابس الاعتيادية. إذا كنت تمارس ركوب الدراجات الهوائية، فانتبه لجاهزيتها وارتفاع المقعد. إذا رغبت بالجري فانتبه للأرضية، فقد لا تكون مهيئة لذلك.

كثيرة هي الإصابات التي تنشأ عن الاستخدام الخاطئ للأوزان، أولاً يجب عليك حمل الوزن المناسب. ابدأ بوزن تستطيع حمله بسهولة. عادة ما يقدر بوزن يبلغ 60-70٪ من أقصى حد تستطيع حمله. بحيث تستطيع تكرار التمرين 6-10 مرات، ويزيد الوزن تدريجياً كلما شعر بسهولته، وعليك إسناد الظهر وعدم تثنيه خصوصاً عند التقاط الأوزان من الأرض.

اسأل مدربك عن الكيفية الصحيحة فلكل تمرين وكل عضلة كيفيتها الخاصة بها، فلا ينبغي أن يحدث تمرينك ضغطاً على المفاصل أو الأربطة فيعرضها للتمزق، فالبرنامج المتوازن هو الذي يستهدف جميع عناصر اللياقة البدنية كالتحمل والقوة العضلية والمرونة والتوازن وبالتالي فهو يعطيك مزيجاً من فوائد متعددة كقوة القلب والقوة العضلية والتقليل من الإصابات العضلية ومخاطر الوقوع وزيادة مدى حركة المفاصل وتحسين هيئة الجسم.

التوازن يجعلك تتعامل بتظرة شاملة مع الجسم، فلا يطغى التركيز على جزء من الجسم دون آخر. التوازن يعني أن يكون لك نصيب من الجري أو المشي وتمارين المقاومة وشد العضلات واليوغا وغيرها.

تجنب الإفراط في التمرين، فالمواظبة على الرياضة لفترة، يشعرك بفوائدها. الاستمرار ولو بالشيء اليسير هو أهم ما ستسعى إليه، فقليل دائم خير من كثير منقطع. التحدي ورفع شدة التمرين مطلوب بين الحين والآخر، لكن ليس إلى الحد الذي يجعلك طريح الفراش في اليوم التالي. هناك علامات غير مرغوب بها تدل على المبالغة في التمرين منها تغير في نبضات القلب وقت الراحة وكذلك ضغط الدم، صداع الرأس، طول فترة استشفاء العضلات،

الأرق، ألم العضلات، الغثيان، الاكتئاب والقلق، فلا أحد أدرى منك بجسمك غالباً ما يرسل لك إشارات عند حدوث أشياء غير محبذ بها فلا تتجاهلها.

تحتاج العضلات إلى الاستشفاء والراحة خصوصاً بعد يوم من التمرين الشديد. ينصح بتخصيص يومٍ للراحة على الأقل في الاسبوع وخصوصاً عند الشعور بالألم والشد العضلي، فالراحة والنوم الكافي والغذاء الصحي يسهم بشكل فعّال في الاستشفاء العضلي.

لا تتجاهل الإصابة عند حدوثها فتحمِّل الجزء المصاب جهداً زائداً بالرغم من الإصابة. استشر الطبيب أو المعالج الرياضي فقد يكون هناك خطأ في طريقة عمل التمارين أو ضعف في عضلات معينة يتم تجاهلها. يجب أن يكون لديك العديد من البدائل للحركة والنشاط بحيث لا تؤثر على الجزء المصاب إن أمكن.

كل ما ذكرناه، أخذٌ للحيطة والحذر ووسائل للوقاية من الإصابات، لكن الإصابة قد تقع على أي حال. وللإصابة علامات وهي حدوث ألم شديد ولا يزول مع الحركة كانتفاخ كبير في الجزء المصاب وتقلص في مدى الحركة، ويجب تفريق الاصابة عن الشد والألم الذي يظهر بعد التمرين مباشرة، وهناك أيضا ما يسمى بتأخر ظهور ألم العضلات، والذي لا تشعر به أثناء التمرين ولا يظهر إلا بعد يومين من التمرين. في الحالتين السابقتين يخف الألم تدريجياً مع الوقت، وللتعامل مع الإصابات إجراءات يمكن أن تطبقها بنفسك للتخفيف من حدة الإصابة وتجمعها المراجع العلمية بكلمة وهي تفصيلاً ينبغي أخذ راحة فورية لمدة 24 ساعة على الأقل، ولا يعني ذلك الخمول التام بل نقصد الابتعاد عن لجهد الزائد.

يوضع الثلج على الجزء المصاب حيث يساعد في تقليل مجرى الدم نحو الجزء المصاب بفعل انقباض الأوعية الدموية، ولا بأس بشيء من الضغط نحو الجزء المصاب ويفضل أن يكون ذلك باستخدام كيس من الثلج وذلك ل 3-5 مرات في اليوم لمدة 15-20 دقيقة في كل مرة.

يرفع الجزء المصاب في مستوى أعلى من القلب ليسهل التخلص من المواد الناتجة من الانتفاخ والتي ترجع للقلب بفعل الجاذبية ويتم التخلص منها، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج. لتجنب الإصابة والتقليل من احتمالية حدوث ألم في العضلات بعد التمرين هناك الكثير مما يمكنك أن تفعله كالإحماء ومراعاة لياقتك البدنية وعمل التمارين بالطريقة الصحيحة، فلا تهمل أياً منها واجعل حفاظك على صحنك وجسدك أولوية.