يتجاوب كل مصابٍ بكوفيد_19 بطريقة مختلفة مع الفيروس، البعض تستدعي حالته الصحية دخول المشفى أو المكوث في العناية الفائقة، أما البعض الآخر، فقد تقتصر إصابته على معالجة الأعراض في المنزل، ومهما كانت درجة الإصابة وحدّتها، إلا أنّ الراحة عنصر أساسي في مرحلة العلاج دون القيام بمجهود قوي، من هنا، يتوقف المصابون عن ممارسة الرياضة خلال فترة احتضان الفيروس.
من وجهة نظر المدربين الرياضيين، أنّ العودة إلى ممارسة النشاط البدني، يجب أنّ تكون أقله بعد10 أيام من انتهاء أعراض كورونا، وهذا لا يشمل فقدان حاستي الشمّ والتذوق اللتين قد تستمران لعدّ أسابيع أو شهر، وعند البدء بممارسة البرنامج الرياضي أو إعادة بنائه من جديد، يجب أنّ يأخذ المتدرب والمدرب، في عين الاعتبار، الوضع الصحي بعد الاصابة بكورونا، لذا، ينصح بالالتزام بالرياضة على 7 مراحل، إضافة إلى أنّ مدة كلّ مرحلة قد تتراوح بين ثلاثة وستة أسابيع، وفق حالة كل فرد.
وقالت خبيرة طبية من المستشفى الأمريكي المرموق كليفلاند كلينك، إن العودة إلى ممارسة التمارين الرياضية بمجرد التعافي من الإصابة بفيروس كورونا المستجد يجب أن تحدث بحذر شديد، لا سيما عقب حالات الإصابة، التي تتراوح بين المتوسطة والشديدة. وعزت الطبيبة السبب إلى اختلاف التأثير، الذي تحدثه الإصابة بفيروس كورونا في الأشخاص باختلاف طبيعة أجسامهم، وبشكل يصعب التنبؤ بآثاره على المدى الطويل.
ويختلف تأثير كورونا في الجسم من شخص لآخر، بحسب الدكتورة ماري شايفر أخصائية الطب الرياضي، التي أشارت إلى أنه قد يُعرّض أي شخص، حتى الرياضيين الشباب، للخطر أو لأضرار طويلة الأمد، مؤكّدة أهمية التعامل مع هذا الأمر بجدية.
وبينما يقول الخبراء إن الفيروس يمكن أن يؤدي إلى تلف القلب أو الدماغ أو الرئتين أو الكليتين لدى بعض الأشخاص، أضافت الدكتورة شايفر أنه لا توجد طريقة لتحديد الشخص، الذي يمكن أن يتعرض لمثل هذه الأضرار، موضحة أن بعض المصابين قد يعانون أعراضا طويلة الأمد، بينها ضيق التنفس وآلام العضلات وفقدان القدرة على التحمّل والإرهاق.
ورجّحت الدكتورة شايفر أن تكون عودة العديد من الرياضيين والأشخاص النشطين إلى ممارسة النشاط الرياضي بعد إصابتهم بكورونا، بطيئة وتتطلب الصبر، مؤكدة أنه على
الأفراد استشارة طبيب مختص للتأكد من أنهم يتقدمون بطريقة مناسبة مع الحرص على مراقبة الأعراض.
عندما يصاب شخص رياضي أو نشط بفيروس كورونا، ينبغي له ألا ينخرط في أي نشاط بدني، وعليه التركيز على الراحة والترطيب الجيّد والتغذية السليمة واتباع نصائح الطبيب أو مقدّم الرعاية الصحية، ليُحدّد له بعد ذلك الجدول الزمني للعودة إلى ممارسة الرياضة والتمارين بحسب المدى، الذي كانت عليه خفّة الإصابة أو شدتها.
فإذا كانت الإصابة خفيفة أو كانت نتيجة الفحوص إيجابية من دون ظهور أية أعراض، فيمكن للشخص النظر في العودة التدريجية إلى ممارسة النشاط الرياضي بعد فترة عزل مدتها 10 أيام، مع الحرص على فعل ذلك من دون ظهور أية أعراض. أما إذا كانت الإصابة معتدلة أو شديدة أو إذا اضطر المصاب إلى دخول المستشفى، فيجب أن يخضع لتقييم طبي متخصص قبل البدء في العودة إلى أي نوع من التمارين.
وتقول الدكتورة شايفر إن هؤلاء الأشخاص قد يحتاجون إلى إجراء فحوص إضافية كتخطيط القلب وتصوير القلب وفحوص الدم قبل أن يُسمح لهم بالبدء في العودة إلى ممارسة النشاط البدني.
وأشارت الخبيرة الطبية إلى احتمال الإصابة بالتهاب عضلة القلب، بوصفها ردَّ فعل التهابي يحدث للقلب جرّاء إصابة فيروسية، مثل كورونا. وقد يُحدث الالتهاب تورما في عضلة القلب، ما يجعل النشاط القاسي أكثر صعوبة أو مميتا في بعض الأحيان. وأضافت: “من المرجّح أن يحدث التهاب عضلة القلب في الأشخاص الذين يُصابون بفيروس كورونا إصابة متوسطة أو شديدة، ولكن من الوارد حدوثه لأي شخص مصاب”.
وبالنظر إلى تزايد احتمال الإصابة بالتهاب عضلة القلب، يتعين على الرياضيين أو الأشخاص النشطين العائدين من الإصابة بكورونا عرض أنفسهم على طبيب مختص لتحديد الحاجة إلى إجراء أية فحوص إضافية. كما ينبغي عليهم في حالة العودة إلى ممارسة الرياضة والنشاط البدني أن تكون العودة تدريجية على مدار أسبوع، مع مراقبة ظهور أية أعراض لهذه المضاعفات الخطرة.
بينما ينبغي على الرياضيين الجادّين اتباع جدول محدّد للعودة إلى ممارسة التمارين بإشراف مدرّب أو طبيب مختص، تقدّم الدكتورة شايفر ثلاث نصائح لأي شخص يخطط لإعادة ممارسة التمارين إلى روتينه اليومي.
إذا شعر الشخص بأعراض مثل ألم في الصدر أو خفقان في القلب، فعليه التوقُّف عن ممارسة الرياضة فورا واستشارة الطبيب، ومع أهمية ممارسة الرياضة والنشاط البدني بصورة عامّة، يمكن أن تغيّر الإصابة بكورونا هذا الأمر بين عشية وضحاها، وفقا لخبيرة الطب الرياضي، التي أوضحت أنه يجب أن يستمر المصابون في مراقبة أنفسهم بعد شفائهم من الإصابة، فإذا شعروا بوجود شيء أكثر خطورة من مجرد كونهم غير لائقين بدنيا، عليهم التوقف عن ممارسة الرياضة والتحدّث إلى الطبيب.
وعلى الأفراد التوقف فورا عن ممارسة الرياضة، إذا عانوا لأي من الأعراض التالية، ألم صدري أو خفقان في القلب، غثيان، صداع، ارتفاع في معدل ضربات القلب لا يتناسب مع مستوى الجهد المبذول، أو استمرار هذا الارتفاع مدة طويلة، دُوار، ضيق أو صعوبة في التنفس، أو تنفس سريع أو غير طبيعي، فرط التعب، تورّم في الأطراف، إغماء، رؤية نفقية أو فقدان للرؤية.
على المرضى المتعافين ألا يحاولوا تجاوز المسألة بالقوة، بل يجب أن يتبع الرياضيون من جميع الأعمار أسلوب التقدم التدريجي في العودة إلى ممارسة الرياضة، وسيتعيّن عليهم زيادة وقت ممارسة التمارين ورفع كثافتها بالتدريج. وتوصي الدكتورة شايفر بالبدء بالمشي البطيء، قبل محاولة زيادة سرعة المشي في اليوم التالي إذا مرّ اليوم الأول على ما يرام، ثمّ زيادة الوقت الذي يقضونه في المشي تدريجيا، والتدرّج في هذا لمدة أسبوع أو أسبوعين قبل العودة إلى التمارين.
وأشارت الدكتورة شايفر إلى أن الشخص المتعافي من كورونا قد يجد أن جسمه تغيّر قليلا، حتى لو كان يتدرّب لسباق ماراثون قبل الإصابة، ما يستدعي مزيدا من الحذر، داعية إلى تجنّب “الضغط بشدة” على الجسد، الذي ما زال يحاول التعافي.
كما تم تقسيم العودة إلى النشاط البدني أكان ضمن النادي أو في المنزل، إلى سبع مراحل، المرحلة الأولى، تشمُل المشي العادي، والاهتمام بالحديقة لبضع دقائق، المرحلة الثانية، تتضمن المشي السريع، والهرولة الخفيفة أو الدراجة الثابتة دون ممارسة تمارين القوّة لأقل من 15 دقيقة، المرحلة الثالثة ممكن إضافة بعض تمارين القوة عبر استعمال وزن الجسم إلى تمارين المرحلة الثانية مع زيادة الوقت دون تخطي 30 دقيقة، إضافة تمارين حمل الأوزان والركض شرط ألّا يتجاوز وقت التمرين 45 دقيقة، وأي نوع رياضة لا يتطلب الاحتكاك بأشخاص آخرين لمدة تقلّ عن الساعة، ومحاولة ممارسة أي رياضة كانت تمارس بنفس الحدّة قبل الإصابة بكورونا، والعودة إلى ممارسة التمارين الرياضية الطبيعية.
إلى جانب مراحل العودة السليمة بعد التعافي من الفيروس إلى الرياضة، قدّم المدرب الرياضي ثلاث ملاحظات، على كلّ متدرب مراعاتها، في حال وجود أمراض مزمنة،ـ يجب مراجعة الطبيب قبل التدرّج بالعودة إلى ممارسة الرياضة، وفي حال الشعور بالدوار، أو خفقان القلب غير المنسجم مع حدّة التمرين أو صعوبة في التنفس أو تعب حاد أو فقدان البصر خلال التمرين، يجب التوقّف فورا والعودة إلى المرحلة السابقة بعد أخذ عدة أيام من الراحة، ويجب البقاء في كلّ مرحلة ليومين منفصلين من التمرين كحدّ أدنى قبل الانتقال إلى المرحلة التالية.
في الختام، إنّ ممارسة الرياضة من أفضل الأمور التي يمكنك أن تقدّمها لجسمك، لكن لا تضغط كثيرًا عليه لا سيما وأنّه في طور التعافي، ولا تشعر أيضًا بالإحباط في حال استغرق جسمك عدة أشهر للعودة للياقة البدنية، التي كان يملكها قبل الإصابة بكورونا، وذلك لأنّ أجسامنا مختلفة وبعضها يحتاج إلى مزيد من الوقت.