صحة ورياضة : ممارسة الرياضة مثل الدواء لمرضى السرطان

تُعتبر ممارسة التمارين الرياضية والتغذية السليمة من العوامل المهمَّة في شفاء الكثير من الأمراض مثل مرض السرطان والكثير الكثير من الأمراض. حيث أثبتت الدراسات العلمية أنَّ النشاط الحركي ونظام الحياة الصحيِّ لهُ دور كبير وفعال في علاج مرض السرطان، لأنَّ النمط الصحي للحياة يُحسن الكفاءة البدنية والوظيفيَّة للجسم، ويُعتبر عامل مهم أثناء فترة العلاج وبعدها، حيث أنَّ القيام بممارسة النشاط البدني مدَّة خمسة أسابيع تُحدث تغيُّرات إيجابية في جهاز المناعة للمصابين، ونتيجة إلى التغيُّرات الإيجابية يؤدِّي إلى التخلُّص من التعب البدني، وتؤدِّي إلى تنشيط الدورة الدمويَّة ورفع كفاءة الجسم ورفع قدرة الجسم على مواجهة المرض.

أكَّدت الدراسات أنَّ ممارسة الرياضة باستمرار تؤدي إلى خفض معدل الإصابة بمرض السرطان بنسبة 50%، وذلك بسبب زيادة كميات الهواء التي تدخل إلى الرئتين، حيث أنَّ التدريبات الرياضيَّة تُساعد في حماية البشرة من السرطان.

ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار عدم ممارسة التمارين ذات الشدَّة العالية والتمارين التي تتطلَّب قوة عالية، لأنَّه ليس كُل مرضى السرطان يستطيعون ممارسة التمارين الرياضية حتى بعد العلاج، لذلك يجب اختيار رياضات خفيفة واستشارة الطبيب قبل القيام بالرياضات.

إنَّ المشي يومياً لمدَّة ساعة تقريباً يُقلِّل الإصابة بمرض السرطان بنسبة 20%، حيث أنَّ للمشي دور كبير في علاج مرض السرطان، وخاصة سرطان الثدي والقولون والرئتين. والجري الخفيف، يقوم برفع الكفاءة البدنية والوظيفية للجسم، وهذا الأمر يؤدِّي إلى زيادة قدرة الجسم على مواجهة مرض السرطان.

وتؤثِّر ممارسة اليوغا تأثيراً مباشراً على مرض السرطان، و تُساعد مريض السرطان على تقبُّل العلاج بشكل أكبر وأفضل وتُساهم في علاج التوتر والقلق الذي يُصيب مرضى السرطان، وهذا يؤدي إلى الوصول لنتائج أفضل في العلاج، أما تمارين الاسترخاء والتنفس، وهذه التمارين تُساهم في التخلُّص من التوتر والاكتئاب والقلق الذي يُصيب مريض السرطان.

تشخيص الإصابة بمرض السرطان يشكل صدمة للمرضى في كثير من الأحيان. وفي مقابلة مع صحيفة “دويتشه فيله” الألمانية، يشرح البروفيسور فيلهلم بلوخ من المعهد العالي للرياضة في كولونيا، تأثير ممارسة التمارين الرياضية على علاج السرطان وآلية عملها على منع انتشاره في الجسم، ويرأس البروفيسور فيلهلم بلوخ معهد أبحاث الدورة الدموية

والطب الرياضي بالمعهد العالي للرياضة في كولونيا. كما يجري بحوثا في مجال الطب الرياضي الجزيئي والخلوي.

تركز أبحاث بلوخ على التكيُّف الطبي البيولوجي والخلوي للأنسجة والأعضاء مع الإجهاد البدني، كما يبحث تأثير التمرين على مرضى السرطان.

وفي المعهد تبحث أربع من عشر مجموعات موضوع “الرياضة والسرطان”، ويعمل حاليا على مشروع كبير مع الاتحاد الأوروبي، يدور حول تطبيقات العلاج الجديدة مع فترة تدريب مكثفة للغاية للنساء المصابات بسرطان الثدي، ويريد أن يضع تصورات جديدة ليوضح ما الذي يحدث بالفعل في جسم مريض السرطان عندما يمارس الرياضة، ونبحث هل للرياضة تأثير على مكافحة المرض أو دور في دعم العلاج.

بداية، ممارسة الرياضة تعتبر وقاية للشخص من الإصابة بمرض السرطان. ومن ناحية أخرى، ندرك أن التمرينات في مرحلة المرض تساعد في التغلب على السرطان. ويوجد حاليا تركيز متزايد على استخدام الرياضة كمرافق للأدوية لتعزيز آثار العلاج.

وتحفز الرياضة الجسم على محاربة الورم، وممارستها لا توقف المرض، لكنها تجعل الجسم في وضع يسمح له بالتعامل بشكل أفضل مع السرطان، ومتقبلا للعلاج بشكل أفضل أيضا. الرياضة تعزز آلية الجسم في مقاومة الأمراض عبر تحفيز الجهاز المناعي، وذلك له تأثير واضح على مكافحة السرطان.

مثال على ذلك.. أضاف المتحدث أنه ضمن مجالات بحثنا، نركز أيضا على ما يسمى “الخلايا القاتلة” الطبيعية للجسم والتي تتعرف على الخلايا السرطانية فتهاجمها وتدمرها. وهنا نبحث عدد الخلايا السرطانية التي تذوب بواسطة هذه الخلايا القاتلة التي تقاوم المرض في الجسم بأساليب مختلفة. وقد وجدنا أن نشاط هذه الخلايا في الجسم يزيد أثناء التمرين وبعده. هناك أيضا العديد من الخلايا الأخرى التي تلعب دورا في مكافحة المرض، إلا أن هذه الخلايا لها دور مؤثر.

ويمكننا أن نفترض أن أجسامنا تحتوي على ملايين الخلايا، أحيانا وفي مرحلة ما يحدث خلل معين في عمل إحدى الخلايا في الجسم فلا تعمل بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى خلل في عملها وتصبح خلية سرطانية. هذه الخلية -أو الخلايا- يمكن أن تمر بفترة سبات طويلة قبل أن تصحو فجأة، ويبدأ الورم في النمو ليهدد حياتنا. فالتهديد قائم في جميع الأوقات إذا كانت لديك تغيرات جينية معينة، فلا يمكنك منع ذلك من خلال ممارسة الرياضة، وسرطان الجلد مثال على ذلك. بيد أن الرياضة يمكن أن تساعد في إبطاء تفشي المرض في الجسم، وهو ما يساعد المريض بشكل كبير. ونحن نتحدث عن احتمالات بنسب نجاح مختلفة.

وإذا كنت تمشي أو تمارس الجري باعتدال لمدة ست ساعات أسبوعيا على الأقل، فإن ذلك يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 40%. وبالنسبة لسرطان

البروستات، فإن الرياضة تساعد في تقليل خطر الإصابة به بنسبة 25 إلى 30%. وهذا ينطبق على سرطان الثدي أيضا. كما يمكن الحصول على حماية جيدة للغاية من خلال التغذية الجيدة، بيد أن البدانة تزيد من احتمالات الإصابة بالسرطان.

هناك عدد قليل، مثل سرطان المستقيم، إذ لا تساعد الرياضة في مكافحة المرض إلا بنسبة بسيطة. وأيضا سرطان الرئة، فإذا كنت مدخنا فإن تسارع تفشي المرض يكون أسرع من التأثير الذي يحدث عن طريق التمرين. ومع ذلك، يمكن القول إن الرياضة تساعد دائما في مكافحة الأورام.

كما أسلفنا، فإن تحفيز الجهاز المناعي مفيد في هذا المجال، فإذا تمت ممارسة الرياضة بشكل صحيح ووتيرة مناسبة، سيؤدي ذلك إلى تحسين الحالة العامة للمريض. ويمكنه تحمل المزيد من جرعات العلاج، وهو ما يكون مفيدا في القضاء على الخلايا السرطانية. ففي بعض الأحيان يؤدي ضعف جسم المريض إلى وقف العلاج الكيميائي لأن الجسم لن يتحمله، لذلك من الضروري التفكير في الرياضة وممارسة التمارين الرياضية لمرضى السرطان.

وإذا حافظ المريض على لياقته، فسيتمكن من متابعة العلاج لفترة أطول أو بجرعة أعلى. وفي بعض الأحيان يتحمل الرياضيون الجرعات العالية جدا التي لا يمكن إعطاؤها لشخص “عادي”، وهو ما يسرع في علاج المرض والقضاء عليه.

كنا ننصح المرضى بإجراء تدريب لطيف ومعتدل وقائم على التحمل. اليوم، يمكن للمرضى أيضا القيام بتدريب مكثف للغاية إذا تم بشكل صحيح. نحن نجمع بين القوة الرياضية والقدرة على التحمل، ويجب أن نبني عضلات يفقدها المريض أثناء العلاج. الرياضة يمكن أن تستخدم مثل نوع من الدواء، وأتمنى أن أرى الرياضة كدواء.