ما أرحم دين العباد/ بقلم هاجر ميموني

ما أرحم دين العباد/ بقلم هاجر ميموني

تمرّ الأيّام مسرعة ساحبة الزّمن إلى الخلف، فتُعدّ الأيّام ويُحسب الأسبوع والأسبوع يَحسب الشّهر والشّهر يَحسب السَّنة على هذا النّحو، وهكذا حياة النّاس يترقّبون في حياتهم ما تأتي به الأيّام القادمة، بحساب اليوم المتشكّل من السّاعة وحساب الأسبوع المتشكّل من الأيّام وحساب الشّهر المتشّكل من أيّام الأسبوع وحساب السّنوات المتشكّلة من الأشهر، لكن؛ في الغالب العام لا يحسبون الثّواني وأعشارها والّدقائق.

وتسير الدّورة الفلكية في الكون على حسابين، أشهر شمسية وأشهر قمرية، وفي كلا السّنتين يكون عدد الأشهر أثني عشر شهرا، ومن أعظم شهور السّنة القمرية شهر رمضان المعظم، يستعدّ له عباد الله الذّين اهتدوا إلى هداية دين الله الإسلام من عرب وغير عرب، ليصوموه إيمانا واحتسابا، ويستمدّ هذا الشّهر عظمته من أنّه كان الشّهر الذّي فيه بدايات نزول القرآن الكريم وبداية آخر رسالة نبوية.

وقال عنه خالق كلّ شيء: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الني ْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).الآية 185 من سورة البقرة، ففيه بدأ يتمم الله عزّ وجلّ للإنسانية ولعباده جميعهم دينهم الإسلام، ببيّنة واضحة كما ورد في الآيات الأولى من سورة “البيّنة” (لَمْ يَكُنِ اِ۬لذِينَ كَفَرُواْ مِنَ اَهْلِ اِ۬لْكِتَٰبِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّيٰ تَاتِيَهُمُ اُ۬لْبَيِّنَةُۖ 1 رَسُولٞ مِّنَ اَ۬للَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاٗ مُّطَهَّرَةٗ 2 فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞۖ 3 وَمَا تَفَرَّقَ اَ۬لذِينَ أُوتُواْ اُ۬لْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ اُ۬لْبَيِّنَةُۖ 4وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اُ۬للَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اُ۬لدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَيُوتُواْ اُ۬لزَّكَوٰةَۖ وَذَٰلِكَ دِينُ اُ۬لْقَيِّمَةِۖ 5) لقد بيّنت هذه الآيات الكريمة من سورة البيّنة، أن ما سبق من تنزيل من ألواح وصحف وزبر وكتب كانت دينا واحدا، جمع الله ما هو صحيح منها في القرآن الكريم منقّحة مضاف إليها ما أراد الله من أحكام وتكاليف ونواه.

لذلك لم يرد في القرآن الكريم، مخاطبة الله لأيّ قوم بعينهم أو سلالة بعينها أو جماعة بعينها وإنّما خاطب جميع النّاس وجميع العباد. وهذا برز بشكل واضح وصريح في آيات القرآن الكريم، ولا يكون ذلك صعبا على أيّ كان من فهم ذلك، حتّى وإن كان بلسان غير عربي، ومن أمثلة ذلك ما قاله موريس بوكاي في كتابه ـ التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ــ ترجمة الشيخ حسن خالد، المكتب إسلامي بيروت ص 14 الطبعة: 03/1990.”أمّا الوحي القرآني الذّي نزل عقب ستّة قرون من المسيح، فقد احتفظ بالعديد من تعاليم التّوراة والإنجيل الذّين أكثر من ذكرهما؛ بل وفرض على كلّ مسلم الإيمان بالكتب المقدّسة، كما أبرز المكانة المهمّة التّي شغلها في تاريخ الوحي رسل الله، كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، الذّي كان فيهم في مقام مرموق. وقد أظهر القرآن، ولادته في الأناجيل، كما حدثت معجزة، كما كرّم والدته مريم تكريما خاصا وأطلق اسمها على إحدى سوره وهي سورة مريم”.

الإعجاز القرآني

هذا الدّين الذّي أنزل على سيّد الأنبياء كلّه معجزات، ففصّل للإنسانية كلّ صغيرة وكبيرة تجول في الخاطر ولم يجد لها تفسيرا، وحدّد العبادات بشكل دقيق، وجعلها بالوجوب شرعا. منها الرّوحية كالشّهادة بوحدانية الله وبـ: محمد رسولا، والصّلاة خمس مرّات في اليوم على أوقات متفرّقة، ليبقى عبده على صلة وقتية دائمة بربّه، وصيام رمضان إيمانا واحتسابا، ففيه يمسك الصائم عن الأكل والشرب والشّهوات طيلة ساعات اليوم، ويعطيه الصوم فوائد جمّة جسدية وروحية، ففي صومه يتعلّم أرقى سلوك وهو الصّبر، وزكاة الأموال وما لها من فائدة من تعلّم لروح التّضامن والإذعان لله وحده، لما للمال من حبّ في نفسية الإنسان، وهي أرقى وسيلة تضامن بين أفراد المجتمع، وحجّ إلى البيت الحرام لمن استطاع إليه جسديا وماليا، وصنّف الأشياء السّيئة وأمر بتركها وصنّف الأشياء الحميدة وأمر بإتيانها، وعملت السّنة النّبوية على تبسيط وشرح وتثبيت كيفية القيام بذلك.

عندما نزل القرآن الكريم على النّبي محمّد صلى الله عليه وسلم، نزل بلسان عربي، ووقت نزوله كانت ألسنة العرب وقتها تمتاز بالفصاحة والبلاغة والبيان، فأعجزت آيات القرآن الكريم أفصح الألسن وأبلغها، وعندما تقرأ القرآن الكريم تجد كلّ حرف وكلّ كلمة منه صيغت صياغة في منتهى الدّقة، ووضعت في المكان الذّي تؤدي مدلولها كاملا فيه، تضف هذه الصّياغة قدسيّة مطلقة على منزله الله عزّ وجلّ ، ووقت نزوله لم تكن اللّغة العربية تعاني جدب المفردات والمترادفات، لكن القرآن الكريم أثراها بحروفه وكلماته، ومن أعظم الإعجاز اللّغوي في القرآن الكريم، دقّة الإعجاز البياني في كلماته البلاغية متناهية الدقة وفي الترتيب، وعن هذا الإعجاز قال الله عزّ وجل متحديا المشككين. ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ الآية 88 من سورة الإسراء.

وفي الآية 13 من سورة هود قال عزّ وجلّ: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ إنّه كلام الله. ولأنّه كتاب الله خالق السّماوات والأرض وخالق كلّ شيء، قال عنه: ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ الآية 21 من سورة الحشر.

لا يقتصر الإعجاز في القرآن الكريم على اللّغة فقط، ففيه من الإعجاز العلمي، ما لم يكن يعرفه البشر قبل نزوله، وفيه من الإعجاز العلمي ما لم يكن يعرف البشر عنه بوجوده مستقبلا مع تنامي مقدّراتهم المعرفية والعلمية، فالقرآن الكريم كشف بشكل مطلق عن عدّة نظريات علميّة قبل اكتشافها، وصدّقها العلم بعد أزمن لاحقة لنزوله، وقال عن هذا الله عزّ وجلّ في الآية 67 من سورة الأنعام: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ وجاء القرآن الكريم بتفصيل الوقائع التّاريخية للأنبياء والمرسلين، فصحّح ما شابه من تحريف وتأويل وكان مختلف فيه عند الأحبار والرهبان . ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ الآية 49 من سورة هود. ولم لا يكون بهذا القدر من الإعجاز وهو الذي جمع كل الألواح والصّحف والزّبر والكتب السّابقة.

منذ خلق الكون لم يتمكن بحث علمي من دحض الحقائق العلمية التي جاء بها القرآن الكريم، بل أيدها البحث العلمي واستخلص منها السير الملائم والمفيد للبحث ومن أمثلة ذلك: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ الآية 66 من سورة النحل.

هذه الحقيقة أكدها البحث العلمي ولم تكن معروفة من قبل، وقد وجد الباحثون أن الأنزيمات الهاضمة التّي تحوّل الأطعمة إلى فرث يسير في الأمعاء الدّقيقة للأنعام وتمتصّ العروق الدموية ـ خملات – الموادّ الغذائية الذّائبة من بين الفرث فيسري الغذاء في الدّم، إلى أن يصل إلى الغدد اللّبنية وهناك تمتصّ الغدد اللّبنية المواد اللّبنية التّي سيكون منها اللّبن من بين دم فيتكون اللّبن الذّي أُخرِج من بين فرث أولاً، ومن بين دم ثانياً.

﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ الآية 125 من سورة الأنعام، أبلغ الله عزّ وجلّ عن حالة الضّغط؛ وتناقص الأكسجين كلّما ارتفعنا إلى الأعلى وهو ما يسبّب الضّغط في الصّدر لنقص الأكسجين، هذه الحقيقة العلمية لم تكن تعرف قبل 13 قرنا.

﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ الآية 30 من سورة الأنبياء، وما ذهب إليه البحث العلمي لا ينفي أن الكون خُلق فعلاً من انفجار عظيم .

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ الآية 47 من سورة الذّاريات ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ الآية 140 من سورة الأنبياء، وهي مسلمة علمية يؤيّدها البحث العلمي ولم ينف من أن الكون بعد توسعه سيتناقص ويتقلّص من جديد. وحقائق أخرى عديدة.

المعتقدات الإيمانية قبل البعثة

لم تكن الألواح والصّحف والزّبر والكتب السّماوية المنزّلة قبل بعثة الرّسول محمد صلى الله عليه وسلّم باقية على ما نزلت عليه، حرّفت وبدّلت وعمل فيها بما يشتهي أصحاب التّحريف، هذا الحال من أحوال العباد على الأرض، جعلهم في عجز عن الإجابة عن الأسئلة التّي تطاردهم ولم يجدوا لها أجوبة، فكانت الوثنية تنخر قلوب النّاس، وعُبدت الشّمس والنّار، وأوجدوا كذلك لأنفسهم طقوس عبادة لا يستسيغها العقل، كما أوجدوا لأنفسهم أواله عدة لأشخاص تاريخية والحيوانات والأنهر والبقر والأجرام الفلكية وغيرها. ومن أمثلة عن ذلك: نحت أصنام تعبد كآلهة، فلا علم اللاّهوت ولا الفلسفة التّي قامت وجدت أجوبة و حلولا للإشكالات الفكرية التّي أثقلت الفكر الإنساني، فخاض الفكر في تيه حقيقي لأن ما كان قد نزّل لم يحافظ على محتواه المنزّل به إلى أن جاءت بعثة الرّسول والنّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم بآخر رسالة من ربه، تضمنت إتمام الدّين الواحد الذي ارتضاه خالقهم لهم، خاطبت فيها العباد جميعهم، وفي مضمونها دعوة إلى توحيد الله وحده بأسلوب منتهي في الدّقة والبرهان، فالقرآن الكريم فصل تفصيلا دقيقا، الغاية من نشأة الكون والإنسان، والغاية من فرضه فرائض العبادة، والغاية من ترك ما نهى عنه والغاية من إتيان ما أمر به، فحقنت الفكر البشري بأشياء لم يعرفوها من قبل، وصحّحت ما حُرف من الألواح والرّسالات السّابقة.

الإسلام دين تضامن

إن الدّارس الفعلي للأسباب النّفسية في قيام التّدافع البشري، سواء في الأسرة أو القبيلة أو الحيّ أو المدينة أو المجتمع، يجد في الغالب المنشأ لهذا التّدافع ــ الحقد ـ البغضاء ـ الكراهية بلا سبب ـ الضّغينة ـ الغيرة ـ الحسد ـ الانتقام ـ هذه الأمراض النّفسية في الغالب الأعم تنشأ نتيجة أسباب عديدة ويكون فيها الفقر والفاقة والحاجة، المحركين الأساسيين لنشأتها في نفسية الإنسان، ولم يحدث منذ نشأة الكون أن وجد تشريع وضعي، أحاط بما فيه الكفاية بموضوع التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، والاعتناء باليتامى والفقراء والمحتاجين والسّائلين والغارمين وعابري السّبيل كما هو منصوص عليه في الإسلام، ولتحقيق هذه الغاية، فقد بنى الإسلام أركانه على ركن مهمّ، وهو زكاة الأموال، لدرجة أنّه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بأخذها كما ورد في الآية 103 من سورة التوبة، ولعظمة هذا الركن من الإسلام نجد الزكاة في القرآن الكريم تأتي في معظم الذكر بعد الصّلاة كما هو في الآيات التالية:

(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) الآية 43 من سورة البقرة. (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّه) الآية 110 من سورة البقرة. ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ الآية 177 من سورة البقرة. ( لَّٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ۚ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ۚ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) الآية 162 من سورة النساء.

كما حث الإسلام على الصّدقات في أكثر من آية، وجعل كلّ صدقة تضاعف إلى سبعمائة أجر عند المتصدّق كما ورد في الآيتين 261 و265 من سورة البقرة (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). ومن أجل عزّة وكرامة المتصدّق عليهم، فقد ربط عزّ وجلّ كلّ فعل خير وصدقة، بوجوبها بدون منّة، وأن تكون في الخفاء أحسن، كما وردة في الآية 264 من سورة البقرة. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) والآية 271 من سورة البقرة. ﴿ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾

كما جعل الله عزّ وجلّ للإرث فريضة كيفية تقسيمه على الورثة، بتفصيل دقيق يعجز أيّ مجتهد خارج هذا التّفصيل على إيجاد نص وضعي يضاهيه في الدّقة، وهذا كما جاء في أوائل آيات سورة النّساء، حتّى لا تتكدّس الأموال في أيدي الأغنياء، وكل هذا الحرص على تزكية الأموال والحثّ على الصدقات، يدلّ على رحمة الله بعباده، لكي يستفيد منها الفقراء والمحتاجون بطريقة تضامنية فيها عزة وكرامة الفقراء والمحتاجين.

فما أحوج العباد لأن يفهموا القرآن الكريم وسنّة نبيّ الله محمّد صلى الله عليه وسلم، فقد جعل الله في القرآن الكريم لكلّ شيء مثلا. لكن؛ كان الإنسان أكثر شيء جدلا، وهذا بشهادة خالقه. ﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِی هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلࣲۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَكۡثَرَ شَیۡءࣲ جَدَلࣰا﴾ الآية 54 من سورة الكهف.

ــ ما كان ليكون ما كان وسيكون، لو لم يكن من كان قادرا على أن يقول كن  فيكون

هاجر ميموني