هكذا تفعل الدبلوماسية الجزائرية بأكبر قوة في العالم.. الجزائر تجبر الولايات المتحدة على الامتناع عن استخدام الفيتو لصالح الكيان الصهيوني 

أحمد عاشور

نعم فعلتها الجزائر كما وعدت وعاهدت الشعب الفلسطيني، الجزائر التي أصبحت منذ انتخاب الرئيس تبون لا تطرق محفلا دوليا إلا وفُتِحت لها الأبواب على مصراعيها، لتقول كلمتها الفصل في قضايا العالم المصيرية.

الجزائر أرغمت مجلس الأمن على تحمّل مسؤولياته كاملة تجاه الشعب الفلسطيني، وفرضت، أمس بنيويورك، التصويتَ على قرارٍ يطالب بوقفٍ فوريّ لإطلاق النار بغزّة، ومثلما وعدت في المرة السابقة، على لسان الدبلوماسي المتمرّس مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، حينما فشل المجلس في اعتماد مشروع القرار الجزائري بسبب الفيتو الأمريكي، عادت الجزائر لتدق الأبواب مجدّدا دون كلل أو ملل ومعها أرواح الأبرياء في غزة، ولتفرض موقفها بالحجّة السّاطعة وبمنطق قوة الحق الذي تغلّب على كل تلك الأسلحة والذخائر، التي يستخدمها جيش الاحتلال في عدوانه على الفلسطينيين العزّل في غزة الأبيّة الشامخة.

ها هي ذي الجزائر اليوم لا تعترف إلا بالمبادئ والحق والعدالة، ولا يهمّها في سبيل تحقيقها أن تكون في مواجهة دولة كبيرة أو صغيرة، قوية أو ضعيفة، طالما أنّها على ثقة بحجمها ودورها ومواقفها، الجزائر أوفت بوعدها وعادت لتطرح القرار وترغم الولايات المتحدة على الامتناع وأغضبت الكيان المحتل وتسببت في مزيد من الانشقاق الداخلي في منظومته السياسية المفلسة، وفي كثير من الهلع في صفوف جنوده الجبناء والمرتعشين.

سويعات قبل التصويت على مشروع القرار الذي يعد مبادرة من قبل الجزائر التي تفاوضت بشأن مضمونه مع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن، تلقى وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج, أحمد عطاف, اتصالا هاتفيا من كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية, أنتوني بلينكن, حيث تبادلا وجهات النظر حول تطورات الأوضاع في قطاع غزة.

اتصال بلينكن كان بمثابة رسالة واضحة أن الولايات المتحدة اقتنعت بالطرح الجزائري القوي وبدورها الاستراتيجي في المنظومة الدولية، حيث ركزت المباحثات الهاتفية بين الوزيرين بصفة خاصة على المفاوضات الجارية في إطار مجلس الأمن بشأن مشروع القرار بهدف إقرار وقف فوري مستدام وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة”.

مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، لفت إلى وعده السابق في ختام  التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر، بقوله: “وعدنا بأننا لن نكل ولن نمل، حتى يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته، كاملة غير منقوصة، ووعدنا بأننا سنعود سنعود، لنقرع مجددا أبواب مجلس الأمن. وها قد عدنا اليوم، مع جميع الدول المنتخبة بالمجلس، في رسالة واضحة للشعب الفلسطيني، مفادها أن المجموعة الدولية بمختلف أطيافها تشعر بآلامكم ولم تتخلى عنكم”.

سيكتب التاريخ بأحرف من نور أن الجزائر أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية على أن تنصاعَ وتضع يدها ولا ترفعا لمعارضة القرار واستخدام الفيتو مجدّدا، متخلّية بذلك عن ابنها المدلل الكيان الصهيوني، وستقرأ الأجيال في كتب التاريخ أنّ الجزائر بحنكة وحكمة دبلوماسييها استطاعت أن تجبر مجلس الأمن على تحمّل مسؤولياته كاملة تجاه الشعب الفلسطيني، وأن تفرض وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة.

الدبلوماسية الجزائرية أعطت العالم أجمع درسا بليغا في الصبر والحكمة والحنكة، علّمته كيف أنّ القضايا العادلة لا ينبغي معها الاستسلام أو التنازل ولا التخاذل والتفريط، وهكذا يفعل أبناءُ أسودِ مفاوضات إيفيان حينما افتكُّوا الاستقلالَ من دُهاةِ دبلوماسيةِ فرنسا الاستعمارية.

شارك المقال على :