صحة ورياضة: أيون الحديد وتأثيره على صحة الرياضي

يحتاج الجسم إلى العديد من الفيتامينات المهمة، في تكوين العديد من الهرمونات والأنسجة وأيضاً للحفاظ على إنتاج الطاقة التي ينجم عنها النشاط والقدرة على مواجهة الأمراض التي تهاجم الجسم، ويعتبر عنصر الحديد من أهم هذه الفيتامينات، حيث إنه يساعد على إنتاج الهيمجلوبين، الذي يجعل خلايا الدم الحمراء تعمل بشكل جيد وتحمل الأكسجين للجسم كله، كما أنه ضروري للحفاظ على صحة الجلد والشعر، يعتبر نقص الحديد من المشكلات الشائعة في العالم، وأظهرت الدراسات أن هناك 20٪ من النساء، و50٪ من السيدات الحوامل و3٪ من الرجال يعانون مستويات منخفضة من الحديد، على الرغم من أن هناك العديد من العناصر الطبيعية والخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة التي تحتوي على الحديد.

ويعتبر الحديد من العناصر المعدنية الموجودة في جسم الإنسان وبالرغم من انه يوجد بكمية ضئيلة إلا انه يعد من العناصر المهمة لجسم الإنسان ، فهو يدخل في تركيب المادة الصباغية الحمراء، المكونة للدم التي تنقل الأوكسجين من الرئة إلى أنسجة الجسم المختلفة ليتم بوساطته حرق المواد الغذائية لتوليد الحرارة اللازمة للجسم ، لذا فان الوظيفة البايوكيميائية للحديد هي قدرته على نقل الأوكسجين وثنائي أوكسيد الكاربون ، فضلا عن أنّ وجوده ضروري جداً لعملية التنفس وانطلاق الطاقة ، وأن (75%) من وزن هذه الكمية الضئيلة تدخل في تركيب الهيموغلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء والأوكسيد الموجود في بيوت الطاقة.

كذلك تدخل في تركيب بروتين خاص يشبه في تركيبه الهيموكلوبين يدعى المايوكلوبين الذي يتحد مع الأوكسجين ليحفظه إلى أن تدعو الحاجة إليه، لاسيما للعضلات العاملة عند استعمال تمرينات تتميز بارتفاع شدة تدريباتها، أما الجزء المتبقي البالغ (25%) فهو موجود بشكل حديد مخزون يعرف بالفريتين (Ferritin) .

والحديد عنصر أساسي في الصّباغ، الذي يحمل الأكسجين – هيموجلوبين، إذ يدخل الحديد في إنتاج الميوجلوبين – وهو صِباغ يخزّن الأوكسجين في العضلات لاستعماله عند بذل مجهود. كما يشكل الحديد عنصرا مهما في عدد كبير من الإنزيمات، ويساعد الخلايا في امتصاص الأكسجين وتحويل السكر في الدم إلى طاقة.

ومعظم الأنواع الغذائية توفر الكمية اللازمة من الحديد. ومع ذلك، يحتاج الجسم إلى كميات كبيرة من الحديد خلال فترة الحمل. الكمية الإضافية تُعطى طوال فترة الحمل، وكذلك خلال 2 – 3 أشهر بعد الولادة، لتعويض احتياطي الحديد في جسم المرأة بعد الولادة.

يتواجد معدن الحديد في العديد من الثمار والعناصر الطبيعية الموجودة حولنا، فهو مهم جداً ومفيد للجسم في إنتاج الهيمجلوبين، وتحتاج النساء منه 18 ميلليجراماً يومياً، والرجال إلى 8 ميلليجرامات فقط، ولذلك يجب الحرص على مراقبة نقص الحديد في الدم وتناول الأطعمة التي يمكن الحصول عليها من صفار البيض، وكبد البقر، وبعض الخضروات الورقية كالسبانخ والسلق، وأيضاً اللفت، والفلفل والقرنبيط، والبازلاء والبقوليات، كالفاصوليا البيضاء، والحمص، والعدس، والفول، والحبوب الكاملة، والمكسرات، وعصير الطماطم، والشوكولاتة الداكنة، والبطاطا المشوية، وثمار البحر وخاصة التونة.

إن الحديد معدن ضروري لأجسامنا ، إذ غالباً ما يحتفظ الجسم بنسبة (90 %) من مجموع الحديد في الجسم للقيام بفعالياته الحيوية ، بينما يستهلك (10 %) أو يفقد عن طريق العرق مما يستوجب تعويضه للحفاظ على توازنه داخل الجسم ، إذ يوجد الحديد في هيموكلوبين الرئتين على شكل حديدوز (Fe+2) الذي له قابلية قوية على الارتباط بجزيئة أوكسجين ليتحول إلى أوكسي هيموكلوبين.

ينتقل بعدها عن طريق الدم إلى الأنسجة العاملة التي فقدت أوكسيجينها أثناء الجهد البدني ليفرغه فيها ، وللحديد قدرة فائقة على فقدان أو اكتساب إلكتروناته ، فعندما يفقد إلكترونا يتحول إلى أيون الحديديك (Fe+3) وإذا أكتسب إلكتروناً يتحول إلى أيون الحديدوز (Fe+2) ، وهذه الخاصية تجعل أيون الحديد متكيفاً للعمل في نظام انتقال الإلكترونات بين خلايا الجسم . ويبلغ الحديد حوالي (3) غرام من وزن جسم الإنسان الذي يزن (70) كغم ، ويحتاج الجسم إلى (18) ملي غرام يومياً ، وتبلغ قيمته الطبيعية في جسم الإنسان (41 ـ 132) مكروغرام / 100 مللتر مصل دم ، ويخسر جسم الإنسان الطبيعي حوالي (1) مليغرام يومياً تخرج مع الغائط أو خلايا الجلد .

وغالبا ما تظهر أعراض سلبية عند اختلال نسبة الحديد في جسم الرياضي خصوصا عند ممارسة التدريبات عالية الشدة ، لذا يجب على الرياضي أن يتأكد من مستوى الحديد في دمه من خلال الفحوص المختبرية لمعرفة نسبته في الدم، لان توازن الحديد يعد ضرورياً للأداء الرياضي إذ يؤدي نقصه ظهور التعب وفقدان القدرة على التحمل وانخفاض القوة والأداء الرياضي كما يؤدي إلى سرعة ارتفاع معدل ضربات القلب وضيق في التنفس وكذلك ضعف وصول الأوكسجين إلى خلايا الجسم وخاصة خلايا الدماغ مما يؤثر على الأداء المهاري للرياضي ، وان الزيادة في مستوى الحديد يؤدي إلى تحسن الأداء من خلال توصيل كمية كافية من الأوكسجين إلى العضلات العاملة.

ولكن هذه الزيادة يجب أن تكون طبيعية ووقتية ، لان الرياضيين يحتاجون الحديد باستمرار بسبب استهلاكه نتيجة دوره الأساس في نقل الأوكسجين من الرئتين إلى العضلات

والأجهزة المختلفة ، لان الرياضيين الذين يتدربون تدريبات ذات شدة عالية تزداد احتياجهم للحديد أكثر بمقدار (30%) من الرياضيين الآخرين، كما أنّ التمرين ذو الشدة العالية حتى إذا كان لمدّة قصيرة يسجل نقصاً ملحوظاً في أيون الحديد يومياً لأنه يؤدي إلى تكسر كريات الدم الحمراء .

إن التدريبات التي تحتاج إلى شدة عالية تعمل على استهلاك الحديد وقد تصيب الرياضي بفقر الدم نتيجة استهلاكه للحديد لأنها تؤدي إلى زيادة فاعلية الحديد على نقل الأوكسجين إلى الأجهزة الوظيفية العاملة في أثناء الأداء ، فضلا عن نقص كريات الدم الحمراء التي تتلف وتتجدد باستمرار.

ونتيجة لهذه التأثيرات فان الرياضيين قد تحصل لديهم اختلافات في مستوى الحديد يجب مراقبتها لغرض تعويض النقص الحاصل في أجسامهم مما قد يؤثر على مستوى العملية التدريبية وأدائهم في أثناء المنافسة بصورة سلبية ، إذ تؤدي التدريبات الرياضية عالية الشدة إلى نقص في مستوى أيون الحديد (Ferritin) في الجسم وهذا النقص يؤثر على قدرة الدم في نقل الأوكسجين وزيادة في معدل نبضات القلب ، فضلا عن إطالة وقت تحسن وتكيف الأجهزة الوظيفية بعد انتهاء الوحدة التدريبية .

ومن بين المخاطر الصحية الناتجة عن زيادة استهلاك معدن الحديد، أنه عند تناول الجرعات الطبيعية من المتممات الغذائية التي تحتوي على عنصر الحديد، قد يسبب ذلك اضطرابات في المعدة، و تغير في البراز أو الإصابة بالإمساك.

يجب عدم تناول الحديد من تلقاء نفسك إلا إذا وصف لك الطبيب ذلك، وعند تناول المزيد من الحديد فوق حاجة الجسم، يتم تخزينه و تراكمه في الجسم.