العنف المدرسي / بقلم هاجر ميموني

العنف المدرسي / بقلم هاجر ميموني

التنشئة الاجتماعية عملية دائمة مستمرة تمتد من بداية حياة الإنسان إلى أن توافيه المنية ، تختلف من شخص لآخر و من طبيعة لأخرى و من مجتمع لآخر تتدخل فيها التربية و التعليم بالدرجة الأولى داخل الوسط الاجتماعي اعتمادا على إكساب الفرد سلوكات و اتجاهات ، إعدادا له ليكون على قدر من القيام بأدوار اجتماعية في وسطه الاجتماعي بين جماعته وما يربطه بها من علاقات و يجمعه بها من تفاعلات متبادلة ، هدف التنشئة الاجتماعية الأسمى و الأنبل هو غرس عوامل ضبط داخلية لسلوك الفرد و تكييفه و تآلفه و تفاعله مع غيره دون إهمال شخصيته و ترسيخ الاعتمادية على النفس والاستقلال الذاتي.

تعد التنشئة الاجتماعية سببا بارزا للعنف المدرسي ، و هذا الأخير يقوم به المتعلم فعليا أو قوليا في الحرم المدرسي ، كخطأ يرتكبه اتجاه معلميه أو زملائه أو الطاقم الإداري ، متخذا أشكالا عدة متفاوتة الدرجة و الخطورة من ضرب أو تهديد أو شتم أو تجريح و كذلك التكسير و التخريب ناهيك عن إيذاء الذات و الانتحار و التفرقة و الظلم و غيرها..

إن الثقافة المجتمعية غير المتوازنة و العنيفة تؤثر على المتعلم فتجعله عنيفا مستبدا يسقط ما وقع عليه، على غيره. و يفرغ مكبوتاته بطريقة خاطئة في حرمه المدرسي ، كما تعد الأسرة كذلك المسؤول الأول عن تنشىة الفرد و العنف الأسري أخطر ما يؤثر على الناشئة التي تعودت عليه لدرجة اعتباره عاديا مقبولا و نمطيا يستعمل عند الحاجة له تعبيرا عن ما يريد الفرد دون التفكير بنتائجه و عقوباته الوخيمة.

و للحد من ظاهرة العنف المدرسي لابد من توعية الأسر بالدرجة الأولى بإكثار برامج التوعية إعلاميا و الرجوع دائما وأبدا إلى التربية الدينية مفتاح كل الأخلاق و القيم و التربية على القدوة الصالحة و تربية الضمير و عدم التفرقة بين الأبناء و مراقبة جماعات رفاقهم لأن الصاحب ساحب و خليل السوء الذي يؤدي حتما للعنف و هنا يلعب الأولياء دور الموجهين الناصحين المتفحصين لرفاق أبنائهم ، مختارين أحسن أسلوب لتوعية وانتقاء رفاق صالحين لأبنائهم إن لم يختاروا و في نفس الوقت ينتقون الوسيلة الملائمة لسحبهم من رفاق السوء دون تجريحهم أو تعنيفهم أو منعهم المطلق.

ثم إن المدرسة البيت الثاني للناشئة قبل أن تلج في مجتمع عنيف معنّف ، بالتالي نشير بالضرورة إلى أمر مغيب نوعا ما عدم تطرق المناهج الدراسية لمعالجة ظاهرة العنف علاجا مباشرا وهو ظروري و لازم لتبيان خطورة هاته الظاهرة على المنظومة التربوية، كما على الإدارات المدرسية أن لا تتراخى في إبعاد الفئات السيئة و إقحام مستشاري التوجيه و مشرفي التربية في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة العنف المدرسي، و ننوه بالضرورة و كمقترح تأسيس مراكز علاج و توجيه تهدف لإصلاح و معالجة التلاميذ الممارسين للعنف و الممارس عليهم على يد أهل الاختصاص بالأمر حتى لا يضيع أبناؤنا في غيابات المجتمع المستقبلية و على السلطة التشريعية التفكير في إلغاء بعض القوانين و استحداث أخرى و صرامة الدولة في آليات تنفيذ هذه القوانين.

بقلم هاجر ميموني