في لحظة تشتت… بقلم الإعلامية التونسية فريهان طايع

في لحظة تشتت… بقلم الإعلامية التونسية فريهان طايع

في لحظة تكون كل أفكارك مشتتة، لا تجد شيئاً واحداً يخفف أوجاعك، تسأل نفسك إلى أين أغادر ؟، إلى مكان بعيد جدا لكن لا تعلم إلى أين ؟، كل الأماكن بالنسبة إليك ضيقة جدا، حتى الجو أصبح في نظرك مغيم.

 

تشرد في مخيلتك بالساعات، أفكارك تتبعثر وأسئلتك لا تكاد تنتهي بل تزداد نارها شرارة داخل عقلك، ولا تجد حتى إجابة واحدة على كل هذه الأسئلة لا متناهية كل اللحظات قد تجمدت في ساعة زمنية في ثانية تغير كل شىء.

 

أحيانآ الحيرة قد تسجنك في سجن ضيق جدا، في سجن محدود وسط الأفكار المتزاحمة، ولا تجد مكاناً واحداً يحتويك بكل مافيك من خوف وحيرة بداخلك أشياء قد دفنت كثيرة جدا.

 

بداخلك هموم مثل البحر لكنك تعاند وتحاول الهروب بكل مافيك من التفكير ويطرح على دائرة تفكيرك نفس السؤال إلى أين ؟؟ إلى أين وإلى أين؟؟

 

لكنك لا تعلم إلى أين في وسط هذه الأفكار الجنونية، ربما تحلم أن تسبق كل شىء اللحظات ،الأشخاص ،الأحداث، التفاصيل ،الحواجز، وربما تحلم في ثانية أن تركض بدون أن تعجز ،بسرعة جنونية تتخطى فيها كل شيء بما فيه نفسك.

 

ربما تتمنى أن تكون سعيد لكن هذه السعادة في قانون المعادلة نسبية وليست مطلقة .

 

نعم هذه قاعدة الحياة، نفعل كل شيء لنكون سعداء لكن الأوضاع ليست تحت السيطرة النجاح لا يجلب السعادة والحياة الروتينية تقتل كل شىء بداخل أحساسينا.

 

ربما ترغب أن تركض في المطر بمفردك كي تتحدى نفسك وتقتل هذا الشعور بالخوف في داخلك، ربما تحلم أن تحلق بعيد جدا لكن أجنحتك مكسورة .

 

ربما تحن لطفولة وترغب أن تستعيدها وتعود طفل لا يفهم شيء عن الحياة ولا يغوص في تفاصيلها المعقدة.

 

يا إلهي الحياة تركض بسرعة فائقة و الوجع الذي بداخلنا يزداد كل يوم لكننا نزداد عناد ؟.. لا نعلم لماذا نصر على هذا العناد.

 

الحياة قصيرة جدا ولم نفهم بعد كل تفاصيلها، وأحيانا تكون كل رموزها معقدة، كل السطور والكلمات لم تستطيع ترجمة كل شىء.

 

صراعنا مع الحياة يزداد يوما بعد يوما، حتى الشمس لم تعد تشرق، حلت محلها الغيوم كل يوم نسبق الزمن والأحداث والمحطات لكن لوهله نتوقف في محطة واحدة، داخل قطار واحد ولم نعد نهتم لا لعقارب الساعة المجمدة ولا حتى أن نسبق المحطات بكل ما فينا من قوة كنا نتحداها لنبرهن لأنفسنا أننا الطرف الاقوى و المنتصر.

يمكن قد تجمدنا وماتت كل الأحاسيس التى بداخلنا، فنتوقف بعجلة الزمن و نسترجع اللحظات التى قد سرقت بفعل الزمن اللحظات التى لم ننتبه إليها.

 

ربما هذه الأفكار المتبعثرة لأننا نريد أن نصل إلى كل شيء لكن شعور العجز هذا يدمرنا و يقتلنا و يدمر حتى ثقتنا بأنفسنا و قدراتنا التى بنيت على الزمن المجهول .

 

هذا الشعور بالاحباط يدمرنا و يسرق منا كل اللحظات الجميلة و ربما يكون كل شيء أمام أعيننا لكننا لا نبصر .

 

وهل من المعقول أننا لا نرى بالعين المجردة لكنها فلسفة الحياة وعجائبها نتساءل في كل مرة متى تتركنا الحيرة وتغادرنا مع كل توقعاتها و خيباتها؟، متى سوف نحب الحياة بكل تفاصيلها و معانيها ؟ متى سوف ننظر للحقيقة مثلما هي؟، متى سوف نضمد جراحنا بأنفسنا، لكن من أين كل هذه الجروحمن الماضي ؟؟؟من الحاضر؟؟من المستقبل المجهول؟؟؟من الأشخاص ؟؟؟من قد نزفها بكل هذه القسوة؟؟؟

متى سوف نرحم أنفسنا و نتصالح معها يكفي ما قد سرقه الزمن

متى سوف نفهم و نحدد كل شيء .

كل يوم تنطوي صفحة مهمة من صفحات كتاب حياتنا ونحن إلى الآن لم نتصالح ولم نفهم الكتاب، قد كتبت فيه كل الصفحات بكل دقة ووضوح و نحن إلى الآن لم نفهم .

قد تهنا في هذا العالم ،قد اضعنا كل الدروب حتى الحبر قد جف من الكتابة و السرد و نحن إلى الآن لم نفهم

متى سوف نرحم أنفسنا الحزينة .

و نزرع محل الاشواك ورود

متى سوف نضمد هذه الجراح و لا نكون مثل أوراق الخريف المتساقطة

كل ما ننتظره فقط الربيع، الربيع لكي تزهر هذه الورود بداخلنا و تنعش أرواحنا حيث عالم الصفاء و الهدوء و السلام بعيدا عن ضوضاء الأفكار المتبعثرة

نتوق فقط لسلام بكل مافينا من أماني.