في خرجة لا يمكن وصفها إلا بـ “الوقحة” توعدت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان، بـ “انتهاج أسلوب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في تعامله مع كولومبيا للتعامل مع الجزائر.”
الوقحة مارين لوبان، ومن منطلق ما تحمله من إيديولوجيا يمينية عنصرية ومن بقايا تعصب استعماري، خاصة ضد كل ما هو جزائري، تريد تأزيم الأوضاع، المتأزمة أصلا، بين الجزائر وفرنسا، عبر استخدام ملف الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا، ليس المهاجرين فحسب، بل حتى المقيمين بصفة قانونية وشرعية بما فيهم الحاملين للجنسية المزدوجة “الجزائرية والفرنسية”.
لوبان زعمت في مقابلة تلفزيونية مع قناة “أل سي إي”، أن الجزائر “ترفض احترام القانون الدولي”، وكل ذلك طبعا –حسب ادعائها دائما- أنّ فرنسا التي لم يشكّل استعمارها للجزائر أيّ مأساة، “زودت الجزائر برأس المال الذي كان من المفترض أن يسمح لها بالتطور والتحول إلى نرويج المغرب العربي”.
لوبان وهي تقول: “لماذا نظهر مثل هذا الضعف مع الدول التي تبصق في وجوهنا صباحا وظهرا ومساء؟” مستشهدة بأمثلة جزر القمر والجزائر ورواندا، لا تدرك لماذا يبغض المهاجرون وغير الفرنسيين المقيمين بفرنسا، اليمين العنصري هناك، ببساطة لأنّه يذكرهم بالاستعمار الذي نهب بلدانهم وقتل أسلافهم ويأبى إلى الآن أن يعترف بجرائمه ويعوضهم عما استنزفه من خيراتهم، وفوق هذا يكبر عليهم العيش والعمل بكرامة في فرنسا.
ومن هذا المنطلق فإن مقارنة ما فعله ترامب مع مهاجري كولومبيا هو قياس غير سليم، فأمريكا لم تستعمر كولومبيا 132 سنة ولم تنهب خيراتها طوال مدّة كهذه، ولم تمارس الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في حق الكولومبيين.
على شمطاء اليمين العنصري الفرنسي أن تعيد التفكير في السبب الذي جعل تيارها ينحاز إلى المغرب ضدّ الشعب الصحراوي، ويعترف للمخزن بسيادة مزعومة لا تختلف كثيرا عن “سيادة” فرنسا الاستعمارية على الجزائر المستعمرة، رغم أنّ هذا الاعتراف مخالف للشرعية الدولية.
على اليمين الفرنسي أن يدرك أنّه ليست الجالية الجزائرية هي المشكلة أو السبب في ما آلت إليه العلاقات الجزائرية الفرنسية من تدهور، بل هي المواقف التصعيدية المتطرفة التي يبديها اليمين الفرنسي ضدّ كل ما هو جزائري، مواقف تتطابق مع ممارسات الإدارة الاستعمارية ومنظمة الجيش السري الفرنسي بعد وقف إطلاق النار في مارس 1962.
وتبقى الكرة في ملعب هذا التيار، إذا كان يريد لعلاقات فرنسا مع الجزائر أن تستمر، فليضع في الحسبان أن الاحترام المتبادل والندية هما فقط ما يمكن أن يضمن استمرارها، أما نظرة الاستعلاء والاحتقار فلن تزيد الجزائر شعبا وقيادة سوى تصميما على معاملة فرنسا التي يختطفها اليمين العنصري، بالمثل فالجزائر لا تعرف الخضوع ولا الإذعان، وليستحضر هذا اليمين المريض بنرجسية أسلافهم المستعمرين، ما فعله شهداؤنا ومجاهدون بهم قبل أن يقدموا على أي حماقة قد تكلفهم أضعاف ما كانوا يرجونه من حماقتهم أن تجلبه لهم.