كشف موقع أشارت وثائق جديدة إلى أن شركة الشحن الدنماركية العملاقة “إيه بي مولر-ميرسك” تنقل سرًا معدات طائرات مقاتلة إلى الكيان الصهيوني، حيث وردت هذه المعلومات ضمن بيانات الشحن التي استعرضتها حصريًا كلٌّ من موقعي “ديكلاسيفايد” و”ذا ديتش”.
وتشير البيانات إلى كيفية نقل البضائع من مصنع القوات الجوية الأمريكية رقم 4 في فورت وورث إلى ميناء حيفا في الكيان الصهيوني المحتل على متن سفينتي حاويات تابعتين لشركة ميرسك بين 5 أبريل و1 مايو، ثم تقوم شركة منفصلة بنقلها برًا إلى قاعدة نيفاتيم الجوية.
ويعدّ مصنع القوات الجوية رقم 4 منشأة مملوكة للحكومة الأمريكية، وتديرها شركة لوكهيد مارتن، المقاول الرئيسي في الكونسورتيوم الدولي الذي ينتج طائرات إف-35.
ويضم الكونسورتيوم مصنعًا بطول ميل واحد، حيث تُنتج طائرات إف-35 المقاتلة ومكوناتها قبل إرسالها إلى شركاء وحلفاء الناتو، بما في ذلك الكيان المحتل.
وتعتبر قاعدة نيفاتيم الجوية مقرا لسرب طائرات إف-35 الإسرائيلية، التي استُخدمت لارتكاب جرائم حرب في غزة.
وفي العام الماضي، استخدم سلاح الجو الصهيوني طائرة مقاتلة من طراز إف-35 لإسقاط قنبلة وزنها 2000 رطل على منطقة المواصي، وهي منطقة آمنة مُحددة في غزة، مما أسفر عن مقتل 90 شخصًا.
وعلق ممثل عن حركة الشباب الفلسطيني (PYM)، وهي منظمة قادت حملة دولية ضد شركة ميرسك، قائلاً: “تجوب هذه الطائرات المقاتلة الإسرائيلية سماء فلسطين يوميًا؛ إنها الأساس العسكري للإبادة الجماعية الحالية لجيش الاحتلال الصهيوني، التي استهدفت عشوائيًا كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية في غزة، وقتلت وشوهت مئات الآلاف من شعبنا من الجو”.
ولم تستجب شركة ميرسك لطلب التعليق قبل النشر، لكن ممثلًا عنها صرّح لاحقًا لموقع “ديكلاسيفايد” أن شركتي ميرسك ديترويت ونيكسو ميرسك “تحملان حاويات تحتوي على قطع غيار لطائرات إف-35. ومع ذلك، فإن هذه الشحنات موجهة إلى دول أخرى مشاركة في برنامج إف-35”.
وأضافوا: “في إطار بناء تحالف لطائرات إف-35، تنقل شركة ميرسك لاين المحدودة بانتظام قطع غيار بين الدول المشاركة، بما في ذلك إسرائيل، حيث تُصنع أجنحة طائرات إف-35. ومع ذلك، تُجرى هذه الشحنات نيابةً عن الموردين – وليس وزارة الدفاع الإسرائيلية”.
وتشير وثائق الشحن التي اطلع عليها موقع “ديكلاسيفايد” إلى أنه سيتم تفريغ بعض معدات إف-35 على الأقل في حيفا.
وأوضحت ميرسك أنها لا تملك تفاصيل عن وجهة إرسال الشحنة التي غادرت السفينة في حيفا لاحقًا، وبالتالي فإن ميرسك نفسها لم ترسل أي معدات مباشرةً إلى نيفاتيم أو جيش الاحتلال الإسرائيلي.
رحلة عبر المحيط الأطلسي
وسيتم تحميل المعدات على متن سفينة شحن تُدعى ميرسك ديترويت، والتي ستبحر من ميناء هيوستن في 5 أبريل، حيث من المرتقب أن تعبر ميرسك ديترويت، التي ترفع العلم الأمريكي، المحيط الأطلسي وترسو بعد أسبوعين في ميناء طنجة المغربي، حيث ستُنقل الشحنة إلى سفينة حاويات أخرى تُدعى نيكسو ميرسك، لتصل السفينة إلى طنجة قادمة من الجزيرة الخضراء في إسبانيا، حيث كانت شحنات الأسلحة إلى إسرائيل موضع حملات احتجاج.
وستستغرق نيكسو ميرسك تسعة أيام لعبور البحر الأبيض المتوسط قبل الوصول إلى ميناء حيفا في الكيان المحتل، والمقرر في 1 مايو، وبعد ذلك، ستُنقل الشحنة برًا بواسطة شركة أخرى إلى قاعدة نيفاتيم الجوية، وهي منصة انطلاق رئيسية لحملات القصف التي يشنها سلاح الجو الصهيوني على غزة.
أكثر من 2000 شحنة من ميرسك
خضعت ميرسك، أكبر شركة لوجستية وشحن متكاملة في العالم، لتدقيق مكثف لنقلها إمدادات عسكرية للكيان الصهيوني.
في نوفمبر 2024، كشفت حركة الشباب الفلسطيني أن الشركة “شحنت ملايين الأرطال من البضائع العسكرية إلى الجيش الصهيوني من الولايات المتحدة، عبر أكثر من 2000 شحنة” بين سبتمبر 2023 وسبتمبر 2024.
وأظهرت أيضًا أن “2110 شحنة أمريكية على متن سفن ميرسك مُدرجة على أنها مُرسلة إلى وزارة الدفاع الصهيونية أو نيابة عنها”، منها 827 شحنة “مركبات مدرعة، ومركبات تكتيكية، وأنظمة أسلحة، أو أجزاء منها”.
وأدت هذه المعلومات إلى احتجاجات في طنجة المغربية، حيث ستنقل ميرسك الشحنة المتجهة إلى إسرائيل بين 20 و22 أبريل.
كما ضغطت حركة الشباب الفلسطينيين على حكومة إسبانيا لمنع دخول سفن ميرسك المشتبه في نقلها بضائع عسكرية إلى الكيان المحتل، مما دفع اللجنة البحرية الفيدرالية الأمريكية إلى فتح تحقيق في إمكانية فرض عقوبات على الشحن الإسباني.
واستهدف الحوثيون في اليمن عمليات الشحن التابعة لشركة ميرسك في إطار جهودهم لإغلاق طرق التجارة المؤدية إلى إسرائيل، حيث أنهم أطلقوا في يناير 2024، ثلاثة صواريخ باليستية على سفينة ميرسك ديترويت أثناء مرورها عبر خليج عدن.
من جهتها، صرحت القيادة المركزية الأمريكية أن صاروخًا واحدًا سقط في البحر، بينما أسقطت سفينة حربية أمريكية الصاروخين الآخرين. وتُشغّل شركة ميرسك لاين المحدودة (MLL)، التابعة للشركة والتي ترفع العلم الأمريكي، سفنًا تدعم الحكومة الأمريكية.
مصنع القوات الجوية 4
استحوذ جيش الاحتلال على أول طائرتين مقاتلتين من طراز F-35 في عام 2016. ومنذ ذلك الحين، استلمت 40 طائرة إضافية من طراز F-35، ويهدف الكيان الصهيوني إلى زيادة حجم أسطوله ليبلغ 75 طائرة خلال السنوات القادمة.
ويُعدّ مصنع القوات الجوية 4 التابع لشركة لوكهيد مارتن جزءًا لا يتجزأ من عملية شراء إسرائيل للطائرات المقاتلة. في يونيو 2016، سافر وزير الدفاع الصهيوني أفيغدور ليبرمان إلى موقع تكساس لمشاهدة عملية الكشف عن طائرات F-35.
وقال ليبرمان أمام حشد من الناس: “تمثل تقنية F-35 جوهرة التاج في التفوق الجوي”. وبُثّ حفل الإطلاق مباشرةً على التلفزيون العبري، وأضاف ليبرمان أن الطائرة ستُعزز بشكل كبير قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات “التقليدية وغير التقليدية”.
وحضر الحفل أيضًا قائد سلاح الجو الصهيوني، العميد تال كيلمان. وقال: “بصفتي طيارًا حلقتُ لأكثر من 30 عامًا في مجموعة متنوعة من الطائرات، حظيتُ بشرف قيادة جهاز محاكاة طائرة F-35 في فورت وورث، وكان الأمر أشبه بمسك المستقبل بين يدي”.
وأضافت مارلين هيوستن، رئيسة مجلس إدارة شركة لوكهيد مارتن: “يشرفنا أن نتعاون مع إسرائيل وأن نساعد في تعزيز الشراكة العميقة والدائمة بين بلدينا”.
دعم بريطانيا لطائرة F-35
تُصنّع أكثر من 15% من مكونات طائرة F-35 في المملكة المتحدة، بما في ذلك هيكل الطائرة الخلفي، ومقعد القذف، والإلكترونيات. وتُساهم أكثر من 100 شركة بريطانية في سلسلة توريد هذه الطائرة المقاتلة.
في ديسمبر 2024، كشف موقعا Declassified وThe Ditch عن إرسال أكثر من 500 شحنة من قطع غيار طائرات F-35 من قاعدة جوية بريطانية إلى الولايات المتحدة، حيث كان من الممكن تصديرها إلى الكيان الصهيوني.
وأُرسلت معظم شحنات الأسلحة البريطانية إلى مصنع القوات الجوية رقم 4 في فورت وورث، مركز إنتاج طائرات F-35 ومصدر أحدث شحنة أمريكية إلى إسرائيل.
ويُثير هذا احتمال أن تكون المعدات المنقولة من الولايات المتحدة إلى قاعدة نيفاتيم الجوية قد صُنعت في بريطانيا.
من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية العام الماضي عن قيود على بعض تراخيص تصدير الأسلحة إلى الكيان المحتل، لكنها استمرت في السماح بتوريد مكونات طائرات F-35 إلى سلاح الجو الصهيوني عبر دول ثالثة.
وردًا على الانتقادات السابقة، أصدرت شركة ميرسك بيانًا العام الماضي قالت فيه إنها “متعاقدة مع الحكومة الأمريكية” وتنقل شحنات إلى “أكثر من 180 دولة في إطار برامج التعاون الأمني”، بما في ذلك “شحنات عسكرية إلى إسرائيل”.
وصرحت الشركة: “يحظر برنامج التعاون الأمني الأمريكي نقل البضائع السرية أو الحساسة، بما في ذلك الأسلحة والذخائر، دون خطة نقل مقدمة من الناقل ومعتمدة من الحكومة الأمريكية”.
وعلق ممثل حركة الشباب الفلسطيني في بريطانيا قائلاً: “سنواصل العمل مع القوى اليسارية والنقابات العمالية وأصحاب الضمائر الحية في جميع أنحاء العالم من أجل فرض حظر شعبي للأسلحة على سلسلة التوريد العسكرية المدعومة من الغرب والتي تُموّل الحرب الصهيونية والتطهير العرقي”.
وأضاف: “يجب وضع حد لتعاون بريطانيا في الإبادة الجماعية، وسنناضل بلا كلل لضمان ذلك”.
مقال مترجم عن موقع: https://www.declassifieduk.org/