الصناعات التحويلية قاطرة نحو اقتصاد إنتاجي واعد… بقلم الأستاذ عبد الحكيم بلعور

الصناعات التحويلية قاطرة نحو اقتصاد إنتاجي واعد… بقلم الأستاذ عبد الحكيم بلعور

بات من الضروري اليوم التركيز على أهمية الصناعات التحويلية واستغلالها بشكل أوسع لتلبية حاجيات السوق الوطنية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مع التفكير الجاد في التوجه نحو التصدير.

فهذه الخطوات الاستراتيجية تعكس بشكل واضح المستوى العلمي للبلاد ومدى التحكم في التقنيات الحديثة المستخدمة في هذه المجالات، والتي تمنح قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد الوطني.

إن هذه الرؤية الجديدة القائمة على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الخام تحمل أبعادًا اقتصادية عميقة، مع مراعاة ضمان استدامتها للأجيال القادمة، ويستلزم ذلك توجيه الاستثمارات نحو الصناعات التحويلية ومجال استخلاص المواد الطبيعية، لما لها من دور حيوي في تنويع مصادر الدخل الوطني وتقوية قاعدة الإنتاج الصناعي.

وفي هذا الإطار، نشير إلى المبادرة المهمة التي أطلقتها الشركة الوطنية سوناطراك بالتعاون مع الشريك الإيطالي، والمتمثلة في مشروع استغلال مادة ألكيل البنزين.

يُعد هذا الاستثمار، الذي يفوق 1.4 مليار دولار، من أكبر المشاريع المستقبلية، حيث يُرتقب دخوله حيز الخدمة سنة 2028، بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف طن سنويًا، اعتمادًا على استغلال يقارب 20 ألف برميل يوميًا من النفط الخام.

وتُعتبر مادة ألكيل البنزين من المواد المطلوبة عالميًا، وتُباع بأسعار مضاعفة في الأسواق الدولية، مما يجعل هذا المشروع رافدًا هامًا للعائدات الوطنية، بالإضافة إلى مساهمته في خلق مناصب عمل نوعية، وإدماج نخبة من الكفاءات الوطنية.

وفي انتظار إطلاق استثمارات أخرى مماثلة في مجال الصناعات التحويلية النفطية، يظل الرهان الكبير هو الانتقال الفعلي من اقتصاد ريعي يعتمد على صادرات المواد الأولية إلى اقتصاد إنتاجي حقيقي.

هذا التحول من شأنه أن يدفع بعجلة التنمية إلى مستويات نمو أعلى، ويؤدي إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملموس، خصوصًا إذا علمنا أن النفط الوطني قادر على توفير أكثر من 5000 منتج نهائي قابل للتصنيع محليًا وتصديره دوليًا.

إلى جانب الصناعات النفطية، يمثل الفوسفات موردًا استراتيجيًا آخر يتوجب استغلاله بشكل أمثل. فبفضل استخداماته الواسعة في الصناعات الدوائية، والصناعات العسكرية، والقطاع الفلاحي، يمكن للفوسفات أن يشكل قاعدة قوية لتعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره.

ولا يمكن إغفال أهمية منجم غار جبيلات الذي يُعد من أكبر احتياطيات الحديد في العالم، باحتياطي يُقدّر بنحو 3.5 مليار طن، فاستغلال هذا المورد الضخم سيعزز الصناعات المرتبطة بإنتاج الحديد والصلب، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام تنمية الصناعات الثقيلة وتطوير البنية التحتية الوطنية.

من جانب آخر، تبرز أهمية التحكم في النفايات عبر الاستثمار الجاد في تدوير المواد المستعملة، إذ تتطلب هذه العملية استثمارات تنافسية معتبرة لإنشاء مصانع فرز ومعالجة النفايات، وإعادة بعثها في شكل مواد جديدة قابلة للاستخدام، بما يحمل من أبعاد اقتصادية وبيئية.

إن هذا التوجه نحو التدوير لا يحل فقط معضلة النفايات، بل يحولها إلى مصدر دخل للبلديات، عبر خلق قيمة مضافة مستدامة، وتقليل أعباء التسيير التقليدي للنفايات.

مع تعزيز الاستثمارات في الصناعات التحويلية الغذائية لتحقيق الأمن الغذائي و تحقق ديناميكية حقيقة لاستثمار في القطاع الفلاحة وعمل على رفع الإنتاج دون تخوف في حالات تشبع السوق إد يوجه للصناعات التحويلية الغذائية واستمرارها بشكل سلس باتفاقيات مزدوجة لاستمرار المصانع و تحقيق أرباح لدي جميع الأطراف.

إن تعزيز الصناعات التحويلية المختلفة كلها مسارات متكاملة تضع الجزائر على طريق اقتصاد متنوع، منتج، وقادر على مواجهة التحديات المستقبلي.

بقلم الاستاد عبد الحكيم بلعور